ما حكم فتح المقبرة على متوفى حديثا لدفن جثمان آخر؟

ما حكم فتح المقبرة على متوفى حديثا لدفن جثمان آخر؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء أن الأصل في الدفن أنْ يُفرَد كلُّ ميتٍ بقبرٍ -لَحْدًا كان القبر أو شقًّا-
حكم فتح المقبرة على متوفى حديثا لدفن جثمان آخر
يجوز عند الضرورة جمع أكثر منْ ميتٍ في قبرٍ واحدٍ؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشهداء أحد، ولكن يكون الذكور مع الذكور والإناث مع الإناث، ويجب الفصل بينهم في القبر الواحد بفاصل ولو بالتراب، ولا يجوز دفن الذكر مع الأنثى والعكس إلا عند الضرورة؛ مِنْ عدم وجود قبر منفصل أو قبر به جنس المتوفى أو المتوفاة، وبشرط وضع الفاصل أيضًا.
وأمَّا في حال امتلاء القبور فيجب الدفن في قبور أخرى، وإذا تعذَّر فيمكن عمل أدوار داخل القبر الواحد إنْ أمكن، أو تغطية الميت القديم بقَبوٍ منْ طوبٍ أو حجارةٍ لا تَمَسّ جسمه ثم يُوضَع على القبو التراب ويدفن فوقه الميت الجديد.
وعليه: ففي حالة عدم وجود مقبرة أخرى للدفن يمكن فتح المقبرة لدفن الميت الحادث مع القديم بالشروط المذكورة.
حكم الوقوف على القبر بعد الدفن.. هل سنة لها أجر؟
أكدت دار الإفتاء أن الوقوف على القبر بعد دفن الميت يُعد من السنن المستحبة شرعًا، وقد نصّ الفقهاء على ذلك لما فيه من الدعاء للميت، والتضرع إلى الله بتثبيته، ومواساة أهله في مصابهم، إلى جانب ما فيه من جبر لخواطرهم وتخفيف لأحزانهم.
وأوضحت الدار، أن الصلاة على الجنازة يترتب عليها قيراط من الأجر، وأن من يحضر الدفن ويبقى حتى الانتهاء منه يُحصّل قيراطًا ثانيًا من الثواب، وهو ما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"من صلى على جنازة فله قيراط، ومن شهد دفنها فله قيراطان" – رواه البخاري ومسلم.
واستشهدت الفتوى بأقوال كبار العلماء من مختلف المذاهب، حيث جاء في المذهب الحنفي قول الإمام الحدادي في "الجوهرة النيرة":"يستحب إذا دُفن الميت أن يجلسوا ساعة عند القبر بعد الفراغ بقدر ما يُنحر جزور ويُقسم لحمها، يتلون القرآن ويدعون للميت".
كما نقلت عن المالكية قول الإمام أبو بكر الصقلي في "الجامع لمسائل المدونة":"من تمام الصلاة على الجنازة الوقوف عليها حتى تُدفن؛ لما جاء أن في الصلاة عليها قيراطًا من الأجر، وفي الصلاة والدفن قيراطان".
وفي السياق ذاته، قال الإمام النووي الشافعي في كتابه "الأذكار":"يُستحب أن يقعد عند القبر بعد الفراغ ساعة يتلون فيها القرآن، ويدعون للميت، ويذكرون أحوال الصالحين.. فإن ختموا القرآن كله كان حسنًا".
ومن المذهب الحنبلي، ذكرت الفتوى قول الإمام أحمد بن حنبل – كما نقله عنه حنبل – أنه "لا بأس بالقيام على القبر حتى يُدفن؛ جبرًا وإكرامًا"، وأنه كان لا يجلس حتى يُفرغ من دفن الميت إذا حضر جنازة هو وليّها.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن البقاء للدعاء وسؤال الله التثبيت للميت هو الأكمل والأفضل، إلا أن من أراد الانصراف بعد مواراة الميت التراب فقد أدّى الواجب، ولا إثم عليه، كما ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله:"فإذا فرغ من القبر فقد أكمل، وينصرف من شاء، ومن أراد أن ينصرف إذا ووري: فذلك له واسع".
واختتمت الدار فتواها بالتأكيد على أن الوقوف على القبر بعد الدفن سُنةٌ مشروعة وثوابها عظيم، ومن الأعمال التي تُعين الميت في لحظاته الأولى في القبر، وتُظهر التكافل والتراحم في المجتمع المسلم.