عاجل

ذكرى ميلاد نجيب الريحاني... رائد مدرسة الكوميديا

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

اليوم، تحل ذكرى  ميلاد الفنان الكبير نجيب الريحاني، الذي لٌقب بـ"الضاحك الباكي" لما عرف عنه من قدرة فنية فائقة في دمج الكوميديا بالحزن، مُبدعًا نوعًا خاصًا من الكوميديا الإنسانية التي تمس أعماق القلوب، ليس فقط كونه أحد رواد الفن المصري والعربي، بل هو مُعلم فن الكوميديا وواحد من أبرز المبدعين الذين تركوا بصمات دائمة في السينما والمسرح، ولا يزال تأثيره ظاهرًا حتى اليوم في الأعمال الفنية الحديثة.

نشأته 

وُلد نجيب الريحاني في القاهرة عام 1889 لأب عراقي وأم مصرية، ونشأ في أسرة ميسورة الحال وتهتم بالثقافة والفنون، حيث أتم دراسته في مدارس فرنسية، وحب الأدب والتمثيل ساعده على أن يبلور شخصيته الفنية في مرحلة مبكرة، وتأثر بنوع الأدب الساخر، خصوصًا من أعمال موليير، وترجم العديد من أعماله الأدبية، ما جعل خياله الفني يذخر بالعمق والإبداع، وكان الريحاني منذ طفولته مشهورًا بإلقاء الشعر العربي والمشاركة الفعالة في الأنشطة الفنية في مدرسته.

مشواره الفني

بعد تخرجه من البكالوريا، بدأ الريحاني العمل في البنك الزراعي، ثم في شركة السكر بنجع حمادي، حيث تواصل مع العديد من الفنانين الذين ألهموه لمواصلة مشواره الفني، حتى قرر أن يُكرس حياته بشكل كامل للتمثيل وانتقل إلى شارع عماد الدين في قلب القاهرة، الذي كان مركزًا للمسارح والكازينوهات آنذاك.

أسس نجيب الريحاني فرقة مسرحية خاصة به كانت تضم نخبة من كبار الفنانين مثل علي الكسار وبشارة واكيم وغيرهم، وكانت الفرق الفنية التي يقودها تتميز بالكوميديا ذات الطابع الإنساني الذي يحمل في طياته نكهة من الفهم العميق للحياة. 

خلال مسيرته المسرحية، قدم نحو ثلاث وثلاثين مسرحية ناجحة، ومن أشهرها "الجنيه المصري"، "الدنيا لما تضحك"، "الستات ما يعرفوش يكدبوا"، "إلا خمسة"، بالإضافة إلى مسرحيات أخرى زرعت مكانته كقائد للعمل المسرحي الكوميدي، ولعل أهم مسرحية له هي "حسن ومرقص وكوهين"، التي قدمت مزجًا بين السخرية الحادة والبعد الإنساني للأحداث.

ورغم تفوقه الكبير في المسرح، قرر نجيب الريحاني في عام 1946 أن يوجه انتباهه إلى السينما ويقدم أدوارًا جديدة بعيدًا عن خشبة المسرح،  وكان رياديًا في هذا القرار الذي ساعده في الوصول إلى شريحة أكبر من الجمهور، إلا أن رصيد الريحاني في السينما كان محدودًا، ومع ذلك كانت أدواره علامات فارقة في مشواره الفني، كأدواره في فيلم "غزل البنات" الذي جمعه مع ليلى مراد ويوسف وهبي.

زيجاته 

تزوج من الراقصة بديعة مصابني في عام 1924، لكن العلاقة انتهت بعد فترة من المشاكل التي واجهوها. ومع تطور الأمور، تزوج للمرة الثانية من الراقصة الألمانية لوسي دي فرناي، وتبنى معها ابنة تدعى جولييت. وبعد هذا الزواج، رزق بابنته الأخرى جينا، التي كانت وليدة علاقته بالفنانة لوسي.

وفاته

توفي نجيب الريحاني في 8 يونيو عام 1949 بعد معاناة طويلة مع مرض التيفوئيد، الذي أثر على صحته، خاصة على رئتيه وقلبه. انتهت حياته بشكل مأساوي بعد أن ترك عمله في فيلم "غزل البنات" بسبب مرضه، حيث كانت اللحظات الأخيرة له مليئة بالألم والجسد المضطرب حتى وفاته. في لحظاته الأخيرة، كما رواها أصدقاؤه، ظل يعاني من الآلام الرهيبة حتى تسرب الدم من فمه وأُغمِر الفراش.

هكذا رحل نجيب الريحاني، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا ضخمًا من الأفلام والمسرحيات التي جعلته أحد أيقونات الفن المصري الكوميدي، والأب الروحي للفن المسرحي الكوميدي الذي أثر في العديد من الأجيال، ولا تزال أعماله حاضرة في ذاكرتنا حتى اليوم.

تم نسخ الرابط