القصبي: التصوف لم يكن يومًا انعزالًا عن الحياة بل كان دائمًا قوة روحانية

قال الدكتور عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، في الاحتفال الرسمي بمولد العارف بالله سيدي أحمد البدوي، اليوم الأربعاء – بطنطا، إن هذا اللقاء المبارك بدعوتكم جميعًا للوقوف وقراءة الفاتحة لروح العالم الجليل، والمحدث الكبير، عضو هيئة كبار العلماء، الدكتور أحمد عمر هاشم، الذي ترك فينا إرثًا علميًا وروحيًا خالدًا، سيظل نبراسًا لكل محبٍّ للعلم والدين والوطن.
مولد السيد البدوي
وتابع القصبي: نجتمع اليوم في رحاب مولد سيدنا العارف بالله سيدي أحمد البدوي، هذا الإمام الرباني الذي أضاء الله به قلوب العباد، فكان رمزًا للتقوى، ومثالًا للثبات، ورايةً للهداية والإصلاح في زمنٍ كثرت فيه الفتن.
وأضاف القصبي: من هنا، من مدينة طنطا الطيبة، نعلن أن التصوف لم يكن يومًا انعزالًا عن الحياة، بل كان دائمًا قوة روحانية تبني الإنسان والمجتمع، وكان أئمة التصوف رواد إصلاح، ومصلحين في الدين والدنيا، جمعوا بين العبادة والعمل، وبين الزهد والإعمار.
كيف نحول التصوف إلى منهج حياة؟
ومن هذا المنطلق، أطلقت المشيخة العامة للطرق الصوفية مبادرتها الجديدة بعنوان: “كيف نحول التصوف إلى منهج حياة”.
مبادرة تهدف إلى ترسيخ قيم المحبة، والتسامح، والإيثار، ونبذ الكراهية والتطرف، لتكون هذه القيم واقعًا في سلوك الناس ومؤسساتهم، وفي بيوتهم ومساجدهم ومدارسهم.
وأردف: لقد حفظ الله مصر عبر تاريخها بالأولياء والصالحين، وببركة آل بيت النبي ﷺ، الذين سكنوا ربوعها ونشروا فيها النور والعلم والمحبة. ولذلك، لا عجب أن تكون مصر اليوم – بفضل الله ثم بحكمة قيادتها – حاضنة السلام، وصاحبة الكلمة المخلصة في دعوة العالم لوقف الحرب في فلسطين، وفتح صفحة جديدة للسلام، تحفظ الدماء وتصون الأوطان.
فكما حفظ الله أرض الكنانة من الفتن، يجعلها اليوم بابًا للأمن، وموئلًا للسلام، وراعيةً لكل جهدٍ إنساني يسعى إلى إعلاء قيمة الحياة.
وأكد أن التصوف الذي ندعو إليه ليس طقوسًا أو مظاهر، بل هو منهج لبناء الإنسان على الإخلاص والرحمة، ليكون في كل ميدانه – طبيبًا كان أو مهندسًا أو معلمًا أو مسؤولًا – صاحب قلب نقي، وعقل راشد، وضمير حيّ.
في هذا المولد الطيب، نجدد العهد على أن نظل أوفياء لوطننا، مخلصين لديننا، متحابين فيما بيننا، متمسكين بالوسطية التي هي هوية مصر الراسخة ورايتها الخالدة.
واختتم: رحم الله علماءنا، وبارك في أوليائنا، وحفظ الله مصر قيادةً وشعبًا وجيشًا.