عاجل

مساجد تاريخية|مسجد السلطان حسن: تحفة معمارية تجمع بين العبادة والعلم والتحصين

مسجد السلطان حسن
مسجد السلطان حسن

 مسجد السلطان حسن في القاهرة من أبرز المعالم الإسلامية التي تجسد روعة العمارة المملوكية في مصر والعالم الإسلامي,شيد هذا الصرح الضخم في الفترة ما بين 1356 و1362 ميلادية، بأمر من السلطان حسن بن قلاوون، ليكون جامعًا ومدرسة ومركزًا متعدد الوظائف يجمع بين العبادة والتعليم والدفاع.

تصميم فريد على أنقاض قصر قديم

أُقيم المسجد على أنقاض قصر قديم في ميدان صلاح الدين، واكتسب شهرة واسعة بفضل تصميمه المبتكر وتكويناته المعمارية الفريدة. يتميز البناء بزخارفه المتنوعة من الحجر والجص والرخام، والتي تعكس براعة الحرفيين في العصر المملوكي.

مركز علمي لتدريس الفقه وعلوم الدين

كان المسجد بمثابة مدرسة دينية كبرى لتدريس المذاهب الفقهية الأربعة (الشافعية، الحنفية، المالكية، والحنبلية)، كما شمل تدريس علوم التفسير والحديث. واحتوى على مكاتب مخصصة لتعليم الأيتام القرآن الكريم وفنون الخط، وتقديم الرعاية الشاملة لهم، مما جعله مركزًا للعلم والرعاية الاجتماعية في آنٍ واحد.

محيط استراتيجي

نظرا لقربه من قلعة صلاح الدين الأيوبي، استخدم المسجد أيضًا كحصن عسكري في فترات الاضطراب السياسي. وتشير المصادر التاريخية إلى أنه كان يُستخدم لإطلاق القذائف نحو القلعة خلال النزاعات بين أمراء المماليك.

وصف المسجد

ويضم المسجد صحنًا مكشوفًا فسيحًا تتوسطه نافورة وضوء بديعة التصميم، وتحيط به أربعة إيوانات ضخمة خصص كل منها لأحد المذاهب الأربعة,كما يزدان بمنبر رخامي مزخرف تحيط به نقوش دقيقة، وتعلوه قبة شاهقة تضيف للمكان هيبة وجلالًا, أما مئذنتاه اللتان بلغ ارتفاعهما نحو 82 مترًا و74 مترًا فهما من أعلى المآذن في القاهرة حتى اليوم، وتعدان من روائع العمارة الإسلامية في العالم.

قيمة تاريخية وثقافية خالدة

يحتل مسجد السلطان حسن مكانةً مرموقة بين آثار القاهرة الإسلامية، وقد اعتبره المؤرخون أعظم مبنى إسلامي من حيث الفخامة والدقة الهندسية. وما زال حتى يومنا هذا مزارًا سياحيًّا وعلميًّا يقصده الزائرون والباحثون من شتى أنحاء العالم، ليشهدوا على عبقرية الإنسان المسلم الذي شيّد صرحًا خالدًا يجمع بين جمال العبادة وخلود الفن وعبقرية البناء.

وجسد المسجد مفهوم الدولة الإسلامية المتكاملة، حيث امتزجت فيه السلطة الدينية بالمدنية والعسكرية؛ فالإيوانات الأربعة كانت تمثل تعددية المذاهب داخل وحدة العقيدة، والموقع القريب من القلعة جعله أيضًا جزءًا من البنية الدفاعية للعاصمة، بينما رعاية الأيتام وتعليمهم عكست البُعد الإنساني والاجتماعي للدولة.

هذا المزج بين الجمال المعماري والوظائف المتعددة لم يكن عشوائيًا، بل يعكس رؤية حضارية متقدمة ترى في المسجد أكثر من مكان للعبادة، بل مركزًا متكاملاً ينهض بالدين والعلم والمجتمع، ويؤكد دور المؤسسة الدينية كركيزة أساسية في البناء السياسي والثقافي للعصر.

تم نسخ الرابط