ما حكم الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي؟..دار الإفتاء توضح

الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مندوبة مطلوبة عند نسيان شيءٍ، وكذا في كلِّ الأحيان وفي جميع الأزمان، وهذا ما نص عليه العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ فَنَسِيَهُ، فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَهُ عَلَيَّ خَلَفًا مِنْ حَدِيثِهِ، وَعَسَى أَنْ يَذْكُرَهُ».
فضل الصلاة على النبي عليه السلام وبيان معناها
الصلاة في اللغة: معناها الدعاء والاستغفار، والجمع صلوات.
ومعنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته، وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود.
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أجلِّ الطاعات التي يتقرب بها الخلق إلى الخالق؛ لذلك حثنا الله تعالى عليها بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
قال الإمام البيضاوي في تفسيره: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ اعتنوا أنتم أيضًا؛ فإنكم أولى بذلك.
كما جاءت السنة المطهرة بالحض عليها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» أخرجه الإمام مسلم في الصحيح.
حكم الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي والأدلة على ذلك
نص العلماء على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتأكد استحبابها في بعض المواطن منها: عند نسيان شيءٍ.
قال العلامة ابن عابدين في رد المحتار في مطلب نص العلماء على استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مواضع: قوله ومستحبة في كل أوقات الإمكان أي حيث لا مانع. ونص العلماء على استحبابها في مواضع.. وزيد يوم السبت والأحد والخميس.. وعند نسيان الشيء.
وقال الإمام ابن حجر في فتح الباري عند عده المواطن التي يتأكد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها: ومما يتأكد ووردت فيه أخبار خاصة أكثرها بأسانيد جيدة عقب إجابة المؤذن وأول الدعاء.. وعند نسيان الشيء.
وقال العلامة القسطلاني في المواهب اللدنية: المواطن التي تشرع فيها الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.. ومنها: عند نسيان الشيء.
وقال ابن القيم في جلاء الأفهام: فصل: الموطن الثاني والثلاثون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم: إذا نسي الشيء، أو أراد ذكره.
وقال الحسين اللاعي المغربي في البدر التمام شرح بلوغ المرام: تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في أمور مخصوصة، وهي ستة وأربعون.. ومنها: عند تذكر منسيٍّ أو خوف نسيان.
ومما يدل على ذلك: ما روي عن عثمان بن أبي حرب الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ فَنَسِيَهُ، فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَهُ عَلَيَّ خَلَفًا مِنْ حَدِيثِهِ، وَعَسَى أَنْ يَذْكُرَهُ» أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة.
كما يُستدل على ذلك بعموم حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت» قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك» قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذن تُكفى همك، ويُغفر لك ذنبك» أخرجه الإمام الترمذي في جامعه.
فالحديث يدل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب كفاية الهم، فيدخل فيه كفاية كل أسبابه، من نحو النسيان؛ قال المُلَّا علي القاري في مرقاة المفاتيح: والهم ما يقصده الإنسان من أمر الدنيا والآخرة، يعني إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة عليَّ كفيت ما يهمك من أمور دنياك وآخرتك، أي أعطيت مرام الدنيا والآخرة، فاشتغال الرجل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكفي في قضاء حوائجه ومهماته.