عاجل

ما معنى التثويب قي الأذان وما حكمه في غير أذان الفجر؟ .. الإفتاء توضح

اذان الفجر
اذان الفجر

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن التثويب في الأذان هو قول المؤذِّن بعد الحيعلتين: “الصلاة خير من النوم”، وهو سنةٌ ثابتةٌ بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحله في أذان الفجر خاصة دون غيره من الصلوات، وينبغي ألَّا تكون مثل هذه المسائل مثار خلافٍ بين الناس في المساجد، والتي يجب الالتزام فيها بالتعليمات الصادرة من ذي الاختصاص في هذا الشأن.

المقصود بالتثويب في الأذان


“التثويبُ” في الأذان هو أن يقول المؤذِّن: “الصلاة خير من النوم” مرتين بعد الحيعلتين، أي بعد قوله: “حي على الصلاة”، وقوله: “حي على الفلاح”.
وسُمِّي بهذا المعنى لأنَّ التثويبَ يُطْلَق على معنى “العودة”، لذا يقال: “ثاب إليَّ مالي”، أي: عاد إليَّ، ويقال: ثاب إلى المريض جسمه، أي: عاد إليه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾، أي: يأتون للبيت الحرام، ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه مرة أخرى.
فهذا الملحظُ اللغويُّ هو الذي أراده الفقهاء في معنى التثويب في الأذان، حيث أطلقوا اسم “التثويب” على ما يقوله المؤذِّن في صلاة الفجر، فكأنَّ المؤذِّن دعا الناسَ إلى الصلاة، ثم عاد إلى دعائهم مرة أخرى.

حكم التثويب في أذان الفجر


ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية في الصحيح، والحنابلة إلى أن التثويب في أذان الفجر حسن مسنون؛ لأنه وقت ينام الناس فيه غالبًا.
قال العلَّامة برهان الدين المرغيناني الحنفي في “بداية المبتدي”: ويزيد في أذان الفجر بعد الفلاح: “الصلاة خير من النوم” مرتين.
وقال العلَّامة أبو عبد الله المواق المالكي في “التاج والإكليل”: يُزاد قبل التكبير الأخير في نداء الصبح: “الصلاة خير من النوم” مرتين.
وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في “المجموع”: وأما التثويب في الصبح ففيه طريقان، الصحيح الذي قطع به المصنِّف والجمهور: أنه مسنون قطعًا.
وقال العلَّامة ابن قدامة الحنبلي في “المغني”: يُسن أن يقول في أذان الصبح: “الصلاة خير من النوم” مرتين، بعد قوله: “حي على الفلاح”، ويُسمَّى التثويب.

واستدلوا على ذلك بما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الأذان أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استشار الناس لما يهمهم إلى الصلاة، فذكروا البوق، فكرهه من أجل اليهود، ثم ذكروا الناقوس، فكرهه من أجل النصارى، فأُري النداء تلك الليلة رجل من الأنصار يقال له: عبد الله بن زيد، وعمر بن الخطاب، فطرق الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلًا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلالًا به، فأذَّن. قال الزهري: وزاد بلال في نداء صلاة الغداة: “الصلاة خير من النوم”، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال عمر: يا رسول الله، قد رأيت مثل الذي رأى، ولكنه سبقني. أخرجه بهذا اللفظ ابن ماجه في “سننه”، وأصله في “الصحيحين”.

حكم التثويب بعد الحيعلتين في غير أذان الفجر


أما التثويب بعد الحيعلتين في غير أذان الفجر، أو مجرد النداء بين الأذان والإقامة بكل ما يحصل به الإعلام فقد كرهه جمهور الفقهاء من متقدمي الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ وذلك لما رواه الترمذي، وابن ماجه، والدارقطني في “سننهم”، والبيهقي في “الكبرى” أن بلالًا رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أثوِّب في الفجر، ونهاني أن أثوِّب في العشاء».

فالحديث نصٌّ في النهي عن التثويب في غيرِ صلاة الفجر، والمعنى في اختصاص صلاة الفجر بالتثويب دون غيرها: أن صلاة الفجر وقت نومٍ في أغلب الأحوال، فاحتاج الناس للتثويب في هذا الوقت، بخلاف غيرها من الصلوات، وذلك كما أفادته عبارة العلَّامة الموصلي الحنفي في “الاختيار”، والعلَّامة الحطاب المالكي في “مواهب الجليل”، والإمام محيي الدين النووي الشافعي في “روضة الطالبين”، والعلامة ابن قدامة الحنبلي في “المغني”.

كما أن الحكمة من الأذان هي الإعلام بدخول وقت الصلاة، وأن الأمر ينبغي فيه مراعاة ما اعتاده الناس وما تعارفوا عليه، فلا يجوز فعل ما يخالف تلك العادة والعرف، لما تقرر من أن “العادة محكمة” وأنها “لو اطَّردت أدير الحكم عليها”. ينظر: “الأشباه والنظائر” للعلامة السيوطي، و”تحفة المحتاج” للعلَّامة ابن حجر الهيتمي، وعادة التثويب في غير أذان صلاة الفجر لم تطرد في زماننا، لا سيما وأن عادة الناس في غير صلاة الفجر هي اليقظة وعدم الغفلة، وهو الذي تتبعه الجهات المختصة في هذا الشأن في هذا الوقت.

تم نسخ الرابط