عاجل

لماذا وافقت حماس على الانسحاب من إدارة غزة بعد عامان من الإبادة؟

حماس
حماس

أفادت تقارير إعلامية، يوم الأحد، نقلًا عن مسؤول كبير في حركة حماس، أن الحركة لن تشارك في حكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، فلماذا اتخذت هذا القرار بعد عامان من الحرب؟

قال السياسي اللبناني أحمد يونس،  أن قرار حماس بالموافقة على الانسحاب من الإدارة لقطاع غزة هو خطوة تكتيكية مهمة نحو إنهاء جزء من النزاع أو التخفيف من آلام المدنيين، لكنها تأتي مع الكثير من المفاضلات؛ فإما أن تُترجَم إلى اتفاق شامل معه ضمانات واضحة على جميع المستويات الأمنية، السياسية، الإنسانية  أو ستظل مجرد مرحلة مؤقتة ضمن مسار طويل من المفاوضات والصراع.

وأضاف يونس، في تصريحات خاصة لموقع نيوز رووم، أن الموافقة التي تصدر من حماس على الانسحاب من إدارة غزة تمثّل تطورًا استراتيجيًا مهمًا، وهي تحمل تداعيات سياسية وأمنية كبيرة، سواء على المدى القصير أو الطويل.

السياسي اللبناني أحمد يونس 
السياسي اللبناني أحمد يونس 

حماس تترك إدارة قطاع غزة 

أوضح يونس أن حركة حماس تقف أمام خيار مفصلي بعد سنوات من الحكم الإداري الفعلي في غزة، بدء من الضغط العسكري، الإنساني، الدولي وآخرها الإقليمي، الأمر الذي  أجبرها على النظر إلى تسليم جزء من المهام الإدارية وهذه الخطوة ليست تنازلًا بسيطًا، بل هي محاولة لتخفيف العبء عن الحركة، واستغلال فرصة لتخفيف شيء من العزلة، وربما لتأمين ضمانات وقف إطلاق نار دائم، أو على الأقل مؤقت، وتحسين الوضع الإنساني المزري في القطاع.

من جهة أخرى، قبول حماس بإدارة مستقلة أو لجنة إدارية خاصة أن معظم المقترحات تشير إلى تكنوقراط مستقل أو هيئة فلسطينية تحت إشراف دولي أو إقليمي وهذا يعني أنها تحاول الحفاظ على وجودها السياسي دون أن تكون مسؤولة مباشرة عن الخدمات اليومية، الذي تربط به الاتهامات بالفساد، الفشل الإداري، أو حتى تخريب البنى التحتية دون قدرة على الإصلاح، وبهذه الطريقة، تنقل جزءًا من مسؤولية إعادة الإعمار والخدمات إلى هيئات خارجية أو إلى السلطة الفلسطينية، مما يقلل من العبء المالي والسياسي المباشر عليها.

عواقب انسحاب حماس من إدارة قطاع غزة 

أشار السياسي اللبناني إلى عواقب هذا الانسحاب المحتمل، والتي تتضمن التالي:

أولًا، المسألة الأمنية، إذا لم تتخلّ حماس فعليًا عن سلاحها أو التزاماتها الأمنية، فحتى مع الانسحاب الإداري قد تظل علاقة التوتر قائمة مع إسرائيل، وأن أي اتفاق لإدارة غزة لا يُرافقه ضمانات أمنية حقيقية سيكون هشًا، في المقابل إسرائيل ستبحث عن ضمانات بأن اللجنة أو الهيئة الإدارية لن تتحول إلى أداة لدعم عمليات المقاومة أو لإعادة بناء قدرات عسكرية.

ثانيًا، الشرعية الفلسطينية، أوضح يونس أن السلطة الفلسطينية ستكون المستفيد الرسمي في حال تولّت إدارة غزة، لكنها تواجه تحديات كبيرة من حيث البنية التحتية المدمرّة، الأزمة الإنسانية، انسحاب الزخم الشعبي، والمصداقية بعد سنوات من الفشل النسبي في غزة، أما بالنسبة  لقبول الناس بالإدارة الجديدة يعتمد على قدرتها على تحسين الأوضاع بسرعة، دون أن تُنظر إليها كواجهة دون فعل حقيقي.

ثالثًا، الدور الدولي والإقليمي، من المتوقع أن تلعب مصر، قطر، الولايات المتحدة ودول عربية وسياسات دولية دورًا كبيرًا في مراقبة أي تنفيذ للاتفاق، تقديم المساعدات، إعادة الإعمار، ولا شك أن وجود دور مشترك للإشراف على الإدارة الجديدة قد يمنحها شرعية أكبر ويخفف من قلق إسرائيل والمجتمع الدولي من أن الأمور تعود لمربع المواجهة.

رابعًا، المسار السياسي لحماس، فالانسحاب الإداري لا يعني بالضرورة ذهاب حماس من المشهد السياسي أو العسكري؛ قد تختار دخول مرحلة جديدة من المقاومة غير النظامية أو الانتقال إلى أدوار غير رسمية، كما أن شروطها ستكون تفاوضية ،على سبيل المثال، ضمانات لوقف إطلاق النار الدائم، حماية قادتها، ممرات آمنة، أو دور سياسي في الحل النهائي.

خامسًا، خطر التسوية الجزئية هناك دائمًا خطر أن تُستخدم هذه المرحلة كوسيلة لتجميل أمر مؤقت دون تغيير جذري، حيث تدخل اللجنة الإدارية وسط معاناة، وقد لا تنال القدرة المالية أو اللوجستية الكافية لإحداث تغيّر، ما يعني أن الانسحاب لا يُترجَم إلى تحسّن حقيقي دائم، ما قد يولّد غضبًا تجاه حماس والسلطة معًا.

وأردف يونس  إن انسحاب حماس من إدارة قطاع غزة لا يمكن أن يستمر فعليًا ما لم تتوافر عوامل تضمن بقاءها خارج الإدارة دون أن تخسر نفوذها أو حضورها في المشهد الفلسطيني، فالحركة التي بنت شرعيتها خلال أكثر من 17 عامًا على قاعدة المقاومة والخدمات الاجتماعية والتمثيل السياسي، لا تستطيع أن تغيب كليًا عن الميدان دون مقابل واضح.

تم نسخ الرابط