خبراء: وقف الهجمات الحوثية وتهدئة الأوضاع في غزة يعيدان لقناة السويس عافيتها ويهيئانها لمرحلة صناعية جديدة
خبراء: وقف الهجمات الحوثية وتهدئة الأوضاع في غزة يعيدان لقناة السويس عافيتها

تشهد منطقة البحر الأحمر وباب المندب انفراجة مرتقبة بعد الجهود الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار في غزة، ما يعزز الآمال في استعادة قناة السويس لعافيتها تدريجيًا خلال العام المقبل، وسط توقعات بانتعاش الإيرادات وفتح آفاق جديدة للاستثمار الصناعي في المنطقة الاقتصادية التابعة لها.
وقف إطلاق النار في غزة
وقال خبراء متخصيين في الشأن البحري، إن وقف إطلاق النار في غزة وتراجع الهجمات الحوثية في البحر الأحمر يمثلان انفراجة حقيقية لقطاع النقل البحري وقناة السويس، مؤكدين أن هذه التطورات ستسهم تدريجيًا في استعادة القناة لمستوياتها الطبيعية من الحركة والإيرادات خلال العام المقبل.
تحسن الأوضاع الأمنية
وأوضحوا في تصريحات خاصة لموقع «نيوز رووم» أن التهدئة في المنطقة ستؤدي إلى تحسن الأوضاع الأمنية في الممرات الملاحية الدولية، مما ينعكس إيجابًا على حركة التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس، أحد أهم الشرايين الاستراتيجية للتجارة بين الشرق والغرب.
وأشار الخبراء إلى أن الجهود الدولية لاحتواء التوتر في البحر الأحمر تمثل عاملًا محوريًا في دعم استقرار الإيرادات المصرية من القناة، خاصة بعد فترة من التراجع نتيجة تحويل عدد من السفن مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح. وأضافوا أن القوى الداعمة للحوثيين، وعلى رأسها إيران، بدأت في مراجعة مواقفها الإقليمية في ظل التغيرات الجيوسياسية الأخيرة، ما يرجح استمرار الهدوء وتراجع التهديدات في مضيق باب المندب، وبالتالي عودة الثقة تدريجيًا إلى شركات النقل البحري العالمية.
وأكد الخبراء أن تعافي قناة السويس لن يقتصر على عودة حركة الملاحة فقط، بل سيمتد ليشمل استغلال موقعها الجغرافي الفريد في جذب الاستثمارات الصناعية والتجارية. وشددوا على ضرورة التحول من مفهوم "العبور" إلى "التصنيع والتصدير"، من خلال منح حوافز استثمارية حقيقية وتبسيط الإجراءات للمستثمرين، بما يحول المنطقة الاقتصادية للقناة إلى مركز صناعي عالمي قادر على دفع النمو الاقتصادي المصري وتعزيز مكانة القناة كمحور رئيسي للتجارة الدولية.
وفي هذا الإطار، أكد اللواء محفوظ مرزوق، نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس الأسبق، أن التهدئة الجارية وتراجع هجمات الحوثيين تمثل خطوة محورية نحو عودة حركة الملاحة لمستوياتها الطبيعية، مشيرًا إلى أن وقف العمليات العدائية في البحر الأحمر سينعكس بشكل تدريجي على زيادة إيرادات القناة خلال العام المقبل.
وأوضح مرزوق أن العمليات التي شهدها باب المندب خلال الأشهر الماضية نفذتها جماعة الحوثي، وهي تنظيم لا يرقى لمستوى الدولة، لافتًا إلى أن تصاعد الهجمات كان أحد تداعيات الحرب في غزة.
وأضاف أن الاتفاق الجاري لوقف الحرب من شأنه أن ينعكس إيجابًا على الأوضاع الأمنية في الممرات الملاحية الدولية، وبالتالي على حركة التجارة عبر قناة السويس التي تمثل أحد أهم شرايين الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أن هناك سببًا خفيًا وراء الهدوء المرتقب، يتمثل في رغبة القوى الداعمة للحوثيين، وفي مقدمتها إيران، في دعم جهود التهدئة نتيجة التغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة خلال العام الأخير، وهو ما يعزز فرص تراجع العمليات العدائية في البحر الأحمر وباب المندب.
وأكد مرزوق أن تعافي الإيرادات لن يكون فوريًا، نظرًا لأن العديد من شركات النقل البحري أبرمت عقودًا سنوية طويلة الأجل لاستخدام طريق رأس الرجاء الصالح، بالإضافة إلى ارتباطها باتفاقيات تشغيل وتخزين يصعب فسخها سريعًا، إلا أن الاتجاه العام يشير إلى تحسن تدريجي وواضح في حركة الملاحة خلال العام المقبل.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل بداية مرحلة جديدة لتعافي قناة السويس، ليس فقط من حيث زيادة الإيرادات، بل من حيث توسيع دورها كمركز صناعي وتجاري عالمي.
وأوضح توفيق أن القناة لا ينبغي النظر إليها كمجرد ممر مائي دولي، بل كمحور متكامل للنشاط الاقتصادي والصناعي يمكن أن يتحول إلى قاعدة لتصنيع وتصدير المنتجات إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، مشيرًا إلى أن استقطاب الشركات العالمية، وعلى رأسها الشركات الصينية، لتصنيع منتجاتها داخل مصر وتصديرها عبر القناة، سيضاعف العائد الاقتصادي للبلاد.
وأضاف أن تحقيق هذا الهدف يتطلب حزمة حوافز استثمارية حقيقية، تشمل تبسيط الإجراءات الضريبية، وتسهيل منظومة التراخيص، بل ومنح الأراضي مجانًا للمشروعات الاستراتيجية التي تخلق فرص عمل وتدعم الصادرات، مؤكدًا أن هذه الخطوات كفيلة بتحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى قاطرة للنمو الاقتصادي المصري.
و أكد على أن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال من مفهوم العبور إلى مفهوم التصنيع والتصدير، معتبرًا أن هذا هو الطريق الأمثل لتعظيم الاستفادة من موقع قناة السويس الفريد، وجعلها مركزًا استراتيجيًا لإعادة تموضع الاقتصاد المصري على خريطة التجارة العالمية.