عاجل

جدل عميق يحيط بـ"صفقة غزة" والمجتمع الإسرائيلي يتهم نتنياهو بتقديم تنازلات

إحتجاجات اسرائيلية
إحتجاجات اسرائيلية ضد حكومة نتنياهو

​أثار توقيع اتفاق غزة برعاية أمريكية، والذي من المقرر أن يكتمل في قمة شرم الشيخ، عاصفة من الجدل في إسرائيل حول التنازلات الجوهرية التي قدمتها الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، وحول التعتيم المتعمد على بعض تفاصيل الصفقة، صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية وجهت انتقادات لاذعة للاتفاق، مشيرة إلى وجود "فرق كبير في جوهر الاتفاق" بين ما تم الترويج له داخلياً وما تضمنته الوثيقة الأمريكية الأصلية.

​تساؤلات حول "الاستسلام الكامل" وغياب الشفافية

​نقلت الصحيفة عن مصادر استخباراتية رفيعة المستوى وعن وثائق رسمية تمت مراجعتها، أن الشروط الأساسية التي وضعها نتنياهو مسبقاً لإنهاء الحرب، والتي كانت تهدف إلى "الاستسلام الكامل لحماس"، لم تتحقق بشكل كامل، فبحسب الوثائق، "لم يتم نزع سلاح حماس، ولم ينزع السلاح من غزة أيضاً كما لم يتم تفريغ القطاع"، وهو ما يتناقض مع الأهداف المعلنة.

​وفي تساؤل حاد، وجهته يديعوت أحرونوت لنتنياهو حول  "إذا ماكانت هذه الشروط أساسية، فلماذا تنازل عنها نتنياهو؟"، وقد أكد مصدر استخباراتي مطلع على التماس الدقيق بين مجتمع الاستخبارات والمؤسسة الدفاعية والمستوى السياسي، أن "الاتفاق يُعتبر ناجحاً، لكن هناك تنازلات عميقة جداً".

​كما شدد المصدر على حق الجمهور في الحصول على "إجابات صادقة على الأسئلة المركزية المتبقية، والتي يبدو أن الحكومة وحملة نتنياهو تكافح من أجل الإجابة عليها"، وتُبرر هذه المطالبة بالشفافية من خلال وجود "سبب وجيه وراء كل هذا الجهد المبذول لإقناعنا جميعاً بأن الأسود أبيض والليل نهار"، في إشارة إلى محاولات التضليل أو التقليل من أهمية التنازلات.

​قرار الحكومة يُخفي بند "إنهاء الحرب"

​ركزت "يديعوت أحرونوت" بشكل خاص على وثيقة نشرت على الموقع الإلكتروني للحكومة الإسرائيلية، وهي ملخص لقرار حكومي اتُخذ بعد استطلاع رأي بين الوزراء، وأوضحت الصحيفة إلى أن كل التفاصيل "التي لم ترغب الحكومة في أن يعرفها الجمهور" تم نقلها إلى "الملحق السري"، وتشمل هذه التفاصيل "خرائط الانسحاب الدقيقة، وآلية مراقبة الاتفاقيات، وإجراء تحقيق شامل في الجثث التي تدعي حماس أنها غير قادرة على تحديد مكانها".

​كما أشارت الصحيفة إلى وجود تناقض صارخ بين قرار الحكومة المنشور وبين جوهر الاتفاق الأصلي الموقع في شرم الشيخ، والذي نشرته قناة "كان 11" لأول مرة، حيث أن الخطة الأمريكية تنص صراحةً على أن "الرئيس ترامب سيعلن انتهاء الحرب في قطاع غزة، وأن الأطراف اتفقت على تنفيذ الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الغاية"، ونصت المادة الثانية على أن "تنتهي الحرب فوراً بموافقة الحكومة الإسرائيلية، وتتوقف جميع العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي وعمليات الهجوم".

​في المقابل، لم يُذكر أيٌ من هذا البند في قرار الحكومة المنشور، الذي يصور العملية بأكملها على أنها مجرد "خطة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين"، وتتجلى الاختلافات أيضاً في المصطلحات المستخدمة، حيث يختلف معنى "الانسحاب" الذي يعني انتقالاً دائماً، عن مصطلح "الانتشار" الذي يتيح مرونة أكبر ويحافظ على إمكانية استئناف العمليات.

​إضافة إلى ذلك، فإن قرار الحكومة ينص على أن إطلاق سراح السجناء ونقل الجثث لن يتم إلا بعد استلام جميع الرهائن، وهو ما يتعارض مع "الرواية الأمريكية" التي تحدثت عن "خطوة موازية" في هذا الشأن. وتختتم الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن كل ما هو حساس ومحوري في الاتفاق تم نقله إلى طي الكتمان عبر "الملحق السري"، مما يعمق الشكوك حول دوافع الحكومة في إخفاء هذه المعلومات عن الرأي العام. ورغم الاعتراف بأن عودة المختطفين هي الأولوية القصوى التي تمثل "بداية رحلة تغيير مسار إسرائيل والمنطقة بأسرها نحو الأفضل"، إلا أن مطالب الشفافية تظل قائمة ومُلحة.

تم نسخ الرابط