محاكمة قاتلة أطفال دلجا.. العلم يحسم المعركة ويدحض مزاعم الدفاع أمام المحكمة

تنفست قرية دلجا مرة أخرى وجعها القديم، في قاعة صامتة إلا من صوت القاضي، حين وقفت هاجر، الأم المتهمة بقتل زوجها وأطفالها الستة، أمام هيئة محكمة جنايات المنيا، في جلسة جديدة حملت بين أوراقها إجابات حاسمة وأسئلة دامية، في الجلسة التي ترقبها الرأي العام بقلق، تحوّلت أروقة المحكمة إلى ساحة علمية بين خبراء السموم والطب الشرعي، لكشف الحقيقة الأخيرة حول المادة القاتلة التي وضعتها المتهمة في أرغفة الخبز داخل بيتها، قبل أن يتحول الإفطار العائلي إلى مذبحة هزّت ضمير الصعيد.
معركة في قاعة المحكمة و الدفاع يبحث عن ثغرة لإنقاذ المتهمة
عُقدت الجلسة برئاسة المستشار علاء الدين محمد عباس، وعضوية المستشارين حسين نجيدة وأحمد محمد نصر، وبأمانة سر أحمد سمير وعادل إمام، حيث ركّز فريق الدفاع على محاولة إيجاد ثغرة قانونية يمكن أن تخفف العقوبة أو تنقذ المتهمة من حكم الإعدام المحتمل، بينما وقف في مواجهتهم خبيرا السموم الدكتور محمد مصطفى محمد، والدكتورة نهاد سمير، وخبير الطب الشرعي الدكتور أمير منير حبيب، الذين دحضوا جميع مزاعم الدفاع بأدلة علمية دقيقة.
السم لا يموت بالنار الحقائق العلمية تصدم الدفاع
طرح الدفاع تساؤلًا جوهريًا حول كيفية بقاء السم في الخبز رغم تعرضه لحرارة الفرن العالية، خلال المناقشات ليرد خبير السموم محمد مصطفى قائلًا إن مادة «الكلورفينابير» تتميز بـ ثبات حراري مرتفع يجعلها لا تتحلل بالكامل، حتى عند درجات حرارة تصل إلى 300 درجة مئوية.
وأكدت الدكتورة نهاد سمير، أن ما يتحلل من المادة لا يتجاوز نصفها فقط، بينما يتحول الجزء المتبقي إلى مركب سام جديد أكثر خطورة، مشيرة إلى أن جرامًا واحدًا فقط كفيل بقتل إنسان يزن 100 كيلوجرام، جاءت هذه الإجابات بمثابة «الضربة العلمية القاضية» لدفاع المتهمة، الذي بدا عاجزًا عن نفي نية القتل المبيتة.
الطب الشرعي: الأعراض قد تختفي وتعود
تساءل الدفاع وفي سؤال آخر أثار الجدل، عن سبب تأخر ظهور الأعراض ثم اختفائها وعودتها لدى بعض الأطفال مثل «رحمة» و«فرحة»، فجاءت إجابة خبير الطب الشرعي الدكتور أمير منير حبيب قاطعة قائلة: هذه المادة تخزن في الخلايا الدهنية، ويمكن أن تُفرز مجددًا بعد فترة، فتظهر الأعراض كأنها نوبة جديدة، وهذا ما يفسر الانتكاسة المفاجئة للضحايا قبل الوفاة.
وأوضح أن التقرير الطبي الشرعي استند إلى التحاليل المعملية الدقيقة التي أكدت تطابق المادة السامة مع الأعراض الإكلينيكية على الضحايا، مؤكدًا أن ما يتطاير من العبوة القديمة للمبيد ليس السم نفسه، بل الماء فقط، بينما تبقى المادة القاتلة ثابتة في المضمون.
سقوط مزاعم الإكراه والتعذيب
استمعت المحكمة في ختام الجلسة، إلى أقوال شقيقَي المتهمة «سارة» و«مصطفى»، اللذين حاولا الإيحاء بتعرضها للإكراه أثناء التحقيق، غير أن التقارير الطبية أثبتت خلو جسدها من أي إصابات، لتؤكد المحكمة سلامة إجراءات الاستجواب وصحة اعترافاتها.
أسرة الضحايا: نثق في العدالة ونطالب بحماية الأطفال الأبرياء
وقف علي محمد علي، من خارج القاعة، عمّ الأطفال الستة الذين فقدوا حياتهم، وهو يحمل صورهم الصغيرة قائلًا بصوت مختنق: اللي راحوا خلاص، لكن لازم نطمن على الباقيين عايزين أشرقت ورؤية يعيشوا في حضن أسرة أبوهم، بعيد عن أي خوف أو ألم، مضيفًا أن الأسرة تثق في قضاء مصر العادل، مؤكدة انتظارها للحظة الحكم النهائي التي قد تعيد لهم شيئًا من راحة القلب بعد عامٍ من الألم.