الأعلى للطرق الصوفية: صالح الجعفري من أبرز أعلام التصوف الإسلامي في العصر الحديث (فيديو)

أكد الدكتور محمد أبو هاشم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، أن الشيخ صالح الجعفري يُعد من أبرز أعلام التصوف الإسلامي في العصر الحديث، حيث كان مثالًا للعالم الرباني الذي جمع بين علوم الأزهر الشريف والسلوك الصوفي العميق.
وأوضح أبو هاشم خلال حديثه في برنامج "أهل المحبة"، المذاع على قناة الناس، أن الإمام الجعفري ترك بصمة واضحة في مجال نشر العلم والتصوف، وكان نموذجًا حيًا للعالم العامل الذي يجمع بين العلم والعمل من أجل إصلاح الأمة.
النسب وبداية رحلة
أشار الدكتور أبو هاشم إلى أن الشيخ صالح الجعفري ينتمي إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يعود نسبه إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، حيث وُلد الشيخ الجعفري عام 1910 في شمال السودان، ونشأ على حب العلم والدين، فحفظ القرآن الكريم كاملًا في سن السابعة، ومن ثم بدأ رحلته في طلب العلم الديني، حيث تلقى تعاليمه الأولى على أيدي مشايخ الطريقة الأحمدية الإدريسية.
وأضاف أبو هاشم أن نقطة التحول الكبرى في حياة الإمام الجعفري جاءت بعد أن رأى رؤيا تشير إلى ضرورة طلب العلم من كبار العلماء في الأزهر الشريف، وهو ما دفعه إلى الهجرة إلى مصر، حيث التحق بالأزهر وتتلمذ على أيدي نخبة من علمائه، من بينهم الشيخ الشنقيطي والشيخ محمد بخيت المطيعي، حتى أصبح واحدًا من أبرز علماء الأزهر وصوفييه.
تميز الشيخ صالح الجعفري بعطائه العلمي الواسع، وكان له درس أسبوعي في مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، حيث توافد عليه طلاب العلم والمريدون من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للاستفادة من علمه وسلوكه الصوفي.
دروس وحلقات التصوف
كما كان للشيخ حلقات علمية في الأزهر الشريف، امتزجت فيها تعاليم الشريعة بالتربية الروحية، مما ساهم في نشر التصوف الوسطي المستنير.
ولم يقتصر دور الشيخ الجعفري على التدريس فقط، بل كان شاعرًا صوفيًا متميزًا، له العديد من القصائد الروحية العميقة، أشهرها قصيدته المعروفة "أنت فينا لا تُعذَّب يا حبيبي وأنت فينا"، التي تعكس معاني المحبة الإلهية والسلوك الصوفي الرقيق.
أوضح الدكتور أبو هاشم أن الشيخ صالح الجعفري ظل علامة بارزة في نشر العلم والتصوف حتى وفاته عام 1979، حيث دُفن في مسجده الذي أسسه في حي الدراسة بالقاهرة، ليبقى ضريحه مزارًا للمحبين والمريدين.

الشيخ الجعفري إرث خالد
وبعد وفاته، استمر أبناؤه وأحفاده في حمل مشعل الطريقة الجعفرية، حتى تولى مشيختها حاليًا الشيخ محمد صالح عبد الغني الجعفري، الذي يواصل نشر تعاليم الطريقة الجعفرية المستمدة من فكر الإمام الجعفري.
واختتم الدكتور محمد أبو هاشم حديثه بالإشادة بالإرث العظيم الذي تركه الشيخ صالح الجعفري، قائلًا: "كان الشيخ صالح الجعفري نموذجًا للعالم الرباني الذي جمع بين العلم الشرعي والعمل الصوفي، وأسهم في نشر الفكر الصوفي الوسطي، وترك وراءه مدرسة علمية وروحية عظيمة. نسأل الله أن يبارك في طريقته وأن ينفع الأمة بعلمه وسيرته العطرة".