رموز مصرية|سيد جلال رجل الخير وصديق الشيخ الشعراوي وصاحب مستشفى باب الشعرية

يعد أحد الرموز المصرية التي عرف عنها الكفاح والاعتماد على النفس، هو سيد جلال أحد أبرز النماذج المصرية التي جسدت رحلة الكفاح من الفقر إلى المجد، ومن عامل بسيط إلى رمزٍ إنساني ونيابي كبير، جمع بين الذكاء الفطري والبصيرة النقية والإخلاص في العمل، فصار من أوائل رجال الصناعة والعمل الخيري في مصر، وواحدًا من الشخصيات الشعبية التي أحبها الناس بصدق.
من هو سيد جلال؟
ولد سيد جلال في الأول من يناير عام 1899 ببلدة منفلوط بمحافظة أسيوط، ونشأ يتيمًا بعد وفاة والديه في طفولته، فاحتضنه خاله وألحقه بالكُتّاب، حيث حفظ القرآن الكريم كاملًا وهو في السابعة من عمره دون أن ينال حظًّا من التعليم النظامي.
بدأ حياته العملية في بولاق أبو العلا بالقاهرة، حيث عمل في المخابز، ثم انتقل إلى بورسعيد ليعمل ساعيًا في شركة يونانية للنقل البحري، وهناك أتقن عدة لغات، منها الإيطالية والفرنسية واليونانية, بفضل ذكائه واحتكاكه بالأجانب. وبمرور الوقت، أصبح من أوائل المصريين الذين خاضوا مجال الاستيراد والتصدير واستصلاح الأراضي الزراعية، مؤمنًا بأن “استصلاح الأرض هو الإضافة الحقيقية لرقعة مصر الزراعية”.
نال سيد جلال لقب شيخ البرلمانيين بعد أن ظل نائبًا عن دائرة باب الشعرية لأكثر من أربعين عامًا، محتفظًا بحب الناس وثقتهم، دون أن ينتمي لأي حزب سياسي، مكتفيًا بانتمائه الخالص لمواطنيه الذين أحبّوه بصدق وبادلهم الإخلاص والعطاء.
مواقف إنسانية ووطنية
تميّز سيد جلال بمواقفه الإنسانية والوطنية؛ فعندما احترق أحد مصانعه في الأربعينيات، أمر بصرف أجور وحوافز العمال كاملة طوال فترة التوقف، وهو ما جعل الكاتب مصطفى أمين يكتب في عموده الشهير “فكرة”: «مصانع سيد جلال لا تمسها النار، عرفانًا بوفائه لعماله».
علاقته بالشيخ الشعراوي
عرف سيد جلال بإنسانيته الواسعة ومواقفه النبيلة تجاه العمال والفقراء، كما ارتبط بعلاقةٍ روحية وإنسانية وثيقة مع الإمام محمد متولي الشعراوي، الذي كان يلقّبه بمحبةٍ خالصة: «عمي سيد جلال",
وكان الشيخ محمد متولي الشعراوي من أقرب أصدقائه، تربطهما علاقة مودة وتقدير عميق، إذ كان الشعراوي يناديه دائمًا: «عمي سيد جلال»، وكانا يلتقيان بشكل شبه يومي في شقة الشعراوي المجاورة لمسجد الإمام الحسين، يتبادلان الأحاديث الروحية والهموم الإنسانية.
مستشفيات جامعة الأزهر
ومن أبرز أعماله الخيرية إنشاء مستشفى باب الشعرية، التي كانت مجانية وتضم جميع التخصصات، وتعد اليوم من المستشفيات التابعة لجامعة الأزهر.
مستشفى سيد جلال الجامعي (مستشفى باب الشعرية الجامعي) هو مستشفى تعليمي حكومي مصري، يتبع جامعة الأزهر، ويعد أحد الصروح الطبية الكبرى التابعة لكلية الطب – جامعة الأزهر بالقاهرة. يقع المستشفى في حي باب الشعرية العريق بوسط العاصمة القاهرة، على مساحة تُقدّر بحوالي 2.5 فدان.
تأسس المستشفى في عام 1945 بمبادرة كريمة من النائب البرلماني سيد جلال، الذي أنشأه على نفقته الخاصة، ثم قام بإهدائه إلى وزارة الصحة المصرية، في إطار إسهاماته المجتمعية لخدمة أبناء الشعب المصري. وفي عام 1974، نُقلت تبعية المستشفى إلى كلية الطب – جامعة الأزهر بالقاهرة، ليصبح منذ ذلك الحين أحد المستشفيات التعليمية التابعة للجامعة، ويؤدي دورًا محوريًا في خدمة التعليم الطبي والتدريب الإكلينيكي والبحث العلمي، إلى جانب تقديم الرعاية الصحية المتخصصة.
أكبر مستشفى تعليمي تابع لجامعة الأزهر
ومستشفى سيد جلال الجامعي أكبر مستشفى تعليمي تابع لجامعة الأزهر من حيث الطاقة الاستيعابية، حيث بلغ عدد الأسرّة به حتى عام 2023 نحو 1505 سريرًا، تشمل مختلف التخصصات الطبية والجراحية. وقد استقبل المستشفى في نفس العام ما يزيد عن 6000 مريض يوميًا في مختلف أقسامه، مما يعكس الثقة الكبيرة التي يحظى بها لدى المواطنين.
وعلى مستوى الخدمات الجراحية، يُعد المستشفى مركزًا متميزًا لإجراء العمليات الجراحية بمختلف أنواعها، حيث تم إجراء أكثر من 45,000 عملية جراحية خلال عام 2023 وحده، تغطي تخصصات الجراحة العامة، وجراحات العظام، وجراحات المخ والأعصاب، وجراحة القلب والصدر، وغيرها من التخصصات الدقيقة.
ويضم المستشفى نخبة من الأساتذة والأطباء والاستشاريين والهيئة المعاونة من أعضاء هيئة التدريس، إلى جانب الكوادر التمريضية والفنية المؤهلة، ويُشكل ركيزة أساسية في منظومة الرعاية الصحية الجامعية في مصر، كما يساهم بفاعلية في دعم المنظومة الصحية الوطنية من خلال تقديم خدمات علاجية مجانية أو مدعّمة لشرائح واسعة من المجتمع.