إسرائيل مابعد طوفان الأقصي.. قوة عسكرية مهيمنة وعزلة دولية غير مسبوقة

بعد مضي عامين على الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر عام 2023 على جنوب إسرائيل، والذي أطلق شرارة حروب واسعة النطاق في منطقة الشرق الأوسط، تظهر إسرائيل كقوة إقليمية مُهيمنة تحقق سلسلة من المكاسب العسكرية، ومع ذلك، فإن تجاوزاتها المروّعة في قطاع غزة قد وضعتها في مواجهة عزلة دولية لم يسبق لها مثيل.
الموقف العسكري وتأثير الضربات
عقب تجاوز الجيش الإسرائيلي لصدمة هجوم حماس الأولي في 7 أكتوبر، قام بتوجيه ضربات قاصمة ومُرهقة لما أسماه تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" بـ "كوكبة أعدائه الاستراتيجيين"، شملت مناطق من بيروت إلى طهران وصولًا إلى صنعاء.
نتائج التعافي الاسرائيلي من الهجمات
تعاني حركة حماس من وهن كبير على المستويين التنظيمي والعسكري، وأصبح حكمها لقطاع غزة مهددًا بالزوال، أما حزب الله اللبناني أصبح أضعف بكثير بعد فقدان زعيمه التاريخي، حسن نصر الله، بينما نظام الأسد في سوريا شهد انهيارًا.بالإضافة إلى تعرض برنامج إيران النووي إلى أضرار جسيمة مما أثر سلبا على القيادات العسكرية الايرانية.
وصرح شالوم ليبنر، الزميل في المجلس الأطلسي، أن إسرائيل أصبحت بفضل هذه الحروب "أقل عُرضة للتهديد مما كانت عليه قبل عامين"، في المقابل وعلى الصعيد العالمي، يرى أن تل أبيب "تقع بين المطرقة والسندان، وأن الاتجاهات طويلة المدى لا تصب في صالحها".
تنامي الغضب وتأثير العزلة
لقد امتد الغضب الموجّه ضد إسرائيل من العالم الإسلامي إلى أوروبا، وتصاعد بشكل ملحوظ داخل الولايات المتحدة، قطاعات واسعة من الحزب الديمقراطي، وجزء متنامٍ من حركة "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، أصبحت الآن معارضة لتقديم المساعدات لإسرائيل.
في الوقت الذي بقي فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، داعمًا لإسرائيل، فإن عزلتها الجديدة منحت ترامب نفوذًا غير اعتيادي، وقد استغل هذا النفوذ بالفعل لإجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الموافقة على خطة وقف إطلاق النار الأخيرة في غزة، ومنع خططه لضم الضفة الغربية.
ووفقًا لـ"وول ستريت جورنال" أن هذا الانفصال عن الحلفاء والأصدقاء السابقين حول العالم قد يؤدي إلى تآكل قد يكون دائمًا، ليس فقط لمكانة نتنياهو وخلفائه، ولكن أيضًا لقابلية المشروع التأسيسي لإسرائيل للإستمرار على المدى الطويل.
من جهتها، ترى ميراف زونسزين، المحللة البارزة للشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية، أن العبء الأكبر لهذا الوضع سيقع على عاتق المواطنين اليهود والإسرائيليين العاديين، وليس على الجنود والسياسيين، وسيستمر هذا لسنوات قادمة.
إمكانية التعافي ومتطلباته
على الرغم من أن الضرر الذي لحق بالمكانة العالمية لإسرائيل هو ضرر حقيقي، فإن بعض حلفائها يزعمون أنها قد تتمكن من التعافي سريعًا، ويستشهد جوناثان شانزر، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بأن تل أبيب "نجت من العديد من الهجمات المختلفة وحملات نزع الشرعية في الماضي".
بينما يرى شانزر أنه "عندما تنتهي الحرب، ستتغير المعادلة وسيعود الناس إلى حياتهم الطبيعية، إلى حد ما"، هناك آراء أخرى تشير إلى أن العودة إلى الوضع الطبيعي، على الأقل في الأمد القريب، أمر مستبعد، خاصة إذا استمر نتنياهو في السلطة.
لتحسين مكانة إسرائيل عالميًا، يؤكد دانيال شابيرو، السفير الأمريكي لدى إسرائيل في إدارة باراك أوباما سابقًا، أن الدولة العبرية يجب أن تُسرع في إنهاء الحرب أولًا، وأن تظهر قيادة إسرائيلية جديدة حتى يصبح هذا المشروع قابلًا للتطبيق.
المكاسب الفلسطينية على الصعيد الدولي
في المقابل، وعلى الرغم من الثمن الباهظ الذي يدفعه الفلسطينيون منذ السابع من أكتوبر، إلا أنهم حققوا مكاسب دولية لم تكن متاحة قبل هذه الهجمات النادرة.
يؤكد مخيمر أبو سعدة، الأستاذ بجامعة الأزهر في غزة والمقيم حاليًا في القاهرة، أن قضية فلسطين قد عادت لتكون في صدارة الاهتمام إقليميًا ودوليًا "بعد أن كادت أن تُنسى قبل عامين". ويضيف قائلًا: "إذن، هناك مكسب سياسي، لكن الشعب الفلسطيني دفع ثمنًا باهظًا للغاية، وهو ثمن لم يدفعه من قبل"