عاجل

بلغ ولا تشهر| أمين الفتوى: "هلا سترته بثوبك" ليست ترخيصا للتغاضي عن المجرمين

هشام ربيع
هشام ربيع

سلط الدكتور هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء الضوء على وقائع تصوير الفضائح والجرائم على منصات السوشيال ميديا، قائلا"بَلِّغْ ولا تُشَهِّر". 

بلغ ولا تشهر

وقال أمين الفتوى من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي: الخَلطُ بين مفهوم "السَّتْر" و"التستر" على الجرائم خطأ فادح يُهدِّد أمن المجتمع واستقراره، ودعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه "هلَّا سَتَرتَه بثوبك" ليست ترخيصًا للتغاضي عن المجرمين أو إفلاتهم من العقاب.

المقصود بالستر في الحديث

ونبه أن المقصود بالسَّتْر في الحديث الشريف هو ستر المسلم على أخيه في معصية شخصية وقعت بينه وبين ربه، ولم تتعدَّ إلى إيذاء الآخرين أو انتهاك حقوقهم، وصاحبها نادم عليها لا يُجاهر بها... ففي هذه الحالة يكون السَّتْر فضيلة وخُلُقًا إسلاميًا رفيعًا.

واستطرد: أمَّا الجرائم التي يمتد ضررها إلى المجتمع، مثل القتل والسرقة والنصب والاحتيال والاتجار بالمخدرات، فإنَّ التَّستُّر على مرتكبيها جريمة في حد ذاته؛ لأنَّه يُشَجِّع المجرم على التمادي في غِيِّه، ويُعرِّض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، ويُسْهِم في تَفشِّي الفوضى والجريمة، لذا فمُسمَّى "الجدعنة" و"الرجولة" ليست في إفلات المجرم مِن العقوبة بعد التَّلبُّس فيها وتهديد الناس بها.

وشدد: هنا يأتي دور التمييز بين التبليغ والتشهير، فالإسلام يحثنا على حماية المجتمع، وهذا لا يتم بنشر الفضائح على وسائل التواصل الاجتماعي أو التشهير بالأفراد، بل باتباع القنوات الرسمية التي حَدَّدتها الدولة، فالتبليغ للجهات المختصة هو الوسيلة الشرعية والقانونية لضمان تحقيق العدالة، ووقف الضرر، وحماية حقوق الجميع، بما فيهم المتهم المحفوظ حقه في محاكمة عادلة والدفاع عن نفسه، بعيدًا عن أحكام الشارع والمحاكمات الإلكترونية.

تصوير شاب وفتاة في وضع مخل ونشر المقطع

كان قد سلط الدكتور مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم الضوء على بيان شرعي حول تصوير شاب وفتاة في وضع مخل ونشر المقطع. 

وقال مظهر شاهين في بيان حكم تصوير شاب وفتاة في وضع مخل ونشر المقطع: الحمد لله الذي أمر بالستر والإصلاح، ونهى عن الفضيحة والإفساد، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، الذي قال: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة».

أولًا: في حكم الفعل نفسه

قال إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، إنّ ما أقدم عليه الشاب والفتاة من تصرفٍ مخلٍّ بالآداب الشرعية والعامة داخل السيارة خطأ ظاهر، وإثم يجب التوبة منه والندم عليه، لأنه من مقدمات الفاحشة التي نهى الله تعالى عنها بقوله:«ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلًا». لكن مع ذلك، فإن هذا الخطأ لا يُبيح للناس التجسس ولا التصوير ولا نشر العورات، لأن الله تعالى نهى عن ذلك فقال:«ولا تجسسوا».

ثانيًا: في حكم التصوير والفضح

ونبه مظهر شاهين أن قيام بعض الأشخاص بتصويرهما أو نشر المقطع جريمة شرعية وأخلاقية أعظم من الذنب نفسه، لأن الإسلام جعل الستر من صفات المؤمنين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة».

وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبّع عورة أخيه تتبّع الله عورته، ومن تتبّع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته».

كما أن تصوير الناس في لحظات ضعفهم ونشرها يدخل في باب إشاعة الفاحشة التي توعّد الله أصحابها بالعذاب، فقال سبحانه:«إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة».

ثالثًا: في منهج الإسلام في الإصلاح

وأوضح أن الإسلام يأمر من يرى منكرًا أن يُنكره بالحكمة والموعظة، لا بالتصوير والفضيحة، لأن المقصود من الأمر بالمعروف هو الإصلاح لا التشهير، قال الله تعالى:«ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “من تتبّع عورات الناس أفسدهم ولو كان يريد إصلاحهم”.

رابعًا: الموقف الشرعي السليم

وشدد مظهر شاهين الواجب في مثل هذه الحالات هو:

1. النصح سرًّا لمن وقع في الخطأ، برفق ورحمة.

2. إبلاغ الجهات المختصة إذا كان الفعل جريمة يُخشى تكرارها، دون نشرها بين الناس.

3. الكفّ عن تداول المقاطع أو إعادة نشرها، لأن من نشر الفاحشة كان شريكًا في الإثم ولو لم يكن فاعلها.

خامسًا: خاتمة البيان

واختتم بالقول: نهيب بالمجتمع أن يلتزم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة».

وأن يتذكر أن الله تعالى أغير على عباده من أن تُنتهك حرماتهم أو تُفضح عوراتهم، وأن الستر والإصلاح أولى من الفضيحة والتشهير.

واختتم بالدعاء نسأل الله أن يهدي العصاة، ويستر العورات، ويحفظ المجتمع من الفتن ما ظهر منها وما بطن. 

تم نسخ الرابط