بعد عامين علي حرب غزة.. كيف انتشر الدمار والخراب في جميع أنحاء القطاع؟|تقرير

بعد مرور عامي علي حرب غزة الذي راح ضحيتها آلاف الآلأف من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب في القطاع الذى دمرته الدولة الصهيونية، وذلك عقب عملية “طوفان الأقصي” التي قامت بها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فجر يوم السبت 7 أكتوبر 2023، وشملت هجوما بريا وبحريا وجويا وتسللا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة.
وأعلن عن العملية محمد الضيف، قائد الأركان في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واعتُبرت أكبر هجوم على إسرائيل منذ عقود. وتسلل المقاومون الفلسطينيون إلى مستوطنات غلاف غزة عبر السياج الحدودي وعبر وحدات الضفادع البشرية من البحر، إضافة إلى مظليين من فوج "الصقر" التابع لكتائب القسام.
حالة حرب
وسرعان ما أعلن الجيش الإسرائيلي عقب العملية إنه "في حالة حرب"، وسُمع دوي صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل ووسطها ومدينة القدس، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع معارك بالأسلحة النارية بين مجموعات من المقاومين الفلسطينيين وقوات الأمن في بلدات بجنوب إسرائيل.
وركزت حملة إسرائيل في البداية على شمال قطاع غزة، تحت ذريعة أن عناصر حماس كانوا يختبئون هناك، حيث كانت بلدة بيت حانون الشمالية، التي تبعد كيلومترين فقط (1.2 ميل) عن الحدود، من أوائل المناطق التي تعرضت للغارات الإسرائيلية، ولحقت بها أضرار جسيمة.

وتظهر الخريطة التي نشرها موقع "بي بي سي" والمؤرخة في 12 أكتوبر 2023، مدن القطاع من الجنوب إلى الشمال: رفح، وخان يونس، ودير البلح، ومدينة غزة الملاصقة للشمال. والمناطق التي تم تقييمها على أنها مدمّرة تظهر على الخريطة باللون الأحمر، لكن اللون أكثر كان حول مدينة غزة وشمالها، وخاصة بيت حانون.
وقصفت اصلت إسرائيل مدينة غزة ومراكز حضرية أخرى في الشمال، وطالبت المدنيين بالنزوح جنوب وادي غزة "للأمان والحماية" على حد وصفها، قبل أن تبدأ غزوها البري في نهاية أكتوبر 2023. لكن إسرائيل كانت تشن أيضا غارات جوية على المدن الجنوبية للقطاع التي كان مئات الآلاف من السكان يفرون إليها من الشمال. وبحلول نهاية نوفمبر 2023، كانت أجزاء من جنوب القطاع قد تحولت إلى أنقاض، وكذلك معظم شماله.

وتوضح الخريطة المؤرخة في 29 نوفمبر 2023، مناطق مدمرة حمراء أكبر في معظم أنحاء قطاع غزة. لكن الثلث العلوي من شمال القطاع كان أحمر بالكامل تقريبا. كما يظهر وادي غزة الذي يقسم القطاع إلى قسمين. وفي بداية ديسمبر 2023، كثفت إسرائيل قصفها لجنوب ووسط قطاع غزة، قبل شن هجوم بري على خان يونس. وبحلول يناير 2024، كان أكثر من نصف مباني قطاع غزة قد تضرر أو تم تدميره.
بعد عامان من الصرع
وبعد عامان من الصراع فقد تضرر قرابة 70% أكثر من المباني في جميع أنحاء قطاع غزة. وفقا لأرقام الأمم المتحدة وصور الأقمار الصناعية. كما تظهر خريطة مماثلة لغزة مؤرخة في 11 يناير 2024 تظهر مناطق حمراء أكبر متضررة في معظم أنحاء القطاع، كما تبرز مدينة رفح الجنوبية أيضا كمنطقة حمراء كبيرة.
وتقدر الأمم المتحدة أن المباني المتضررة تشمل أكثر من 90% من الوحدات السكنية، حيث تم تدمير 160 ألف وحدة، وتضررت 276 ألف وحدة أخرى بشكل بالغ أو جزئي.

كانت الحياة قبل الحرب صعبة في قطاع غزة، وعلى الرغم من أن ما يقرب من ثلثي السكان كانوا يعيشون في فقر، وفقا للبنك الدولي، وأن الآلاف كانوا يعيشون في مخيمات لاجئين تديرها الأمم المتحدة، إلا أنها كانت تضم أيضا مستشفيات ومدارس ومتاجر.
لكن قطاع غزة - الذي يبلغ طوله 41 كيلومترا (25 ميلا) وعرضه 10 كيلومترات فقط، ويحده البحر الأبيض المتوسط وحدود مع إسرائيل ومصر، أصبح الآن في أجزاء كبيرة منه غير صالحة للسكن.
وبعد القصف الاسرائيلي المتواصل، فقد سُويت أحياء بأكملها بالأرض، وحُوِّلت الأراضي الزراعية التي كانت تبنى عليها الدفيئات إلى رمال وأنقاض بفعل الآليات الثقيلة والدبابات التي استخدمتها القوات الإسرائيلية في عمليات التجريف والتدمير.
وقد عاش قبل الحرب معظم سكان القطاع، البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، يعيشون في مدنه الرئيسية الخمس- رفح وخان يونس جنوبا، ودير البلح وسطا، ومدينة غزة وشمالها.وتشردت العائلات عدة مرات عندما غيرت إسرائيل تركيز عمليتها، حيث طلبت في البداية من السكان في الشمال الانتقال إلى الجنوب من وادي غزة، الذي يقسم القطاع إلى نصفين تقريبا، ثم أعلنت لاحقا عن سلسلة من مناطق الإخلاء في الجنوب.
وتظهر صور الأقمار الصناعية انتشارا واسعا للخيام التي أقامها النازحون في المواصي، وهي شريط رفيع من الأراضي الزراعية على طول ساحل البحر المتوسط، غربي مدينة خان يونس، والتي صنفتها إسرائيل "منطقة إنسانية".
في أغسطس، قدّرت الأمم المتحدة أن أكثر من 1.2 مليون شخص كانوا ينزحون في المواصي، التي تفتقر إلى البنية التحتية الحيوية والخدمات الأساسية، وتفاوتت مساحتها من حوالي 7 كيلومترات مربعة (2.7 ميل مربع) عند افتتاحها لأول مرة إلى 72 كيلومترا مربعا (27.8 ميل مربع). وتعيش عائلات أخرى في خيام أو ملاجئ مؤقتة في مجمعات سكنية أو في مناطق مفتوحة من الأراضي والشواطئ.

حرب الجوع في غزة
يعاني 1.8 مليون شخص في غزة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك ما يقرب من 133 ألف شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الكارثي، وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو الهيئة العالمية المسؤولة عن إعلان المجاعة.
وحذر التصنيف من أن الفترة من سبتمبر 2024 إلى أغسطس 2025 تٌعد من أعلي مستويات سوء التغذية الحاد كانت أعلى بعشر مرات مما كانت عليه قبل بدء الحرب. وحتى قبل الصراع الحالي، كان حوالي 80% من سكان غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
قال برنامج الغذاء العالمي،في مارس الماضي، إن تلبية الاحتياجات الغذائية البسيطة تتطلب ما لا يقل عن 300 شاحنة يوميا لدخول غزة وتوزيع الغذاء - وهو رقم لم يتم الوصول إليه منذ بدء الصراع.
وقد ألقى مسؤولو الأمم المتحدة باللوم في الوضع الراهن على القيود العسكرية الإسرائيلية على إيصال المساعدات، واستمرار الأعمال العدائية، وانهيار القانون والنظام. إلى جانب الخسائر البشرية، حذّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) من أن إصلاح الأضرار في غزة سيستغرق وقتا طويلا.
إلى جانب الخسائر البشرية، حذّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) من أن إصلاح الأضرار في غزة سيستغرق وقتا طويلا. ويصف البرنامج أنظمة المياه والصرف الصحي بأنها "شبه معطلة بالكامل"، ويحذر من تراكم النفايات حول المخيمات والملاجئ، ومن خطر تلويث المواد الكيميائية الناتجة عن الألواح الشمسية المدمرة والذخائر المستخدمة للتربة وإمدادات المياه.
ويقدر البرنامج تراكم أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض جراء الدمار، مشيرا إلى أن إزالة حطام الحرب ومخلفاتها المتفجرة قد تستغرق 21 عاما.