عاجل

أطفال يموتون عطشًا ونساء يغتصبن على الطريق.. مأساة لا يراها العالم

مدينة الفاشر
مدينة الفاشر

يتناثر الرجال والنساء والأطفال جثثًا على الطريق الترابي الواصل بين مدينة الفاشر وبلدة طويلة في شمال دارفور، مجسدين مأساة آلاف المدنيين الذين حاولوا الفرار من حصار خانق، ولم يجدوا أمامهم سوى السير نحو المجهول.

ومنذ أكثر من عام، تطبق قوات الدعم السريع الحصار على مدينة الفاشر، إذ أنها تمنع الغذاء والدواء، وتكثف الهجمات الجوية والبرية، مستخدمة الطائرات المسيرة.

ومع دخول الحصار شهره الخامس عشر، لم يجد السكان مخرجًا إلا الهروب سيرًا على الأقدام نحو "طويلة"، رغم أن الطريق أصبح مرادفًا للموت.

"كل ما أردته ألا نكون التاليين".. مأساة أم سودانية على طريق طويلة

وكانت فاطمة (35 عامًا)، أم لـ5 أطفال، من بين أولئك الذين قرروا مواجهة المجهول، وصلت إلى بلدة طويلة مرهقة وجسدها يروي رحلة من الألم والخوف، تروي رحلتها: "خرجت من حي الثورة جنوبي الفاشر، لم يعد البقاء ممكنًا وسط الجوع، والقصف، وذكريات زوجي الذي قتل في غارة، كنت أحمل طفلي على ظهري وآخر بيدي، ونسير بين الجثث المتناثرة، وكل ما كنت أتمناه أن لا نكون التاليين".

<strong>مدينة الفاشر</strong>
مدينة الفاشر

ولم يكن مشهد الطريق كما وصفته فاطمة، مجرد انتقال من مدينة إلى بلدة، بل عبور دامٍ بين الحياة والموت، وسط صمت العالم.

طريق الموت في السودان.. لا ماء، لا دواء، لا حياة

وقالت فاطمة: "شاهدت نساء ينهرن من شدة الإعياء، وأطفالاً يسقطون على الأرض من العطش، وجثثاً كثيرة ملقاة على جوانب الطريق، لم تدفن لأن ذويها لم يملكوا القدرة أو الوقت لذلك".

ورغم إعلان قوات الدعم السريع عن وجود "ممرات آمنة" لخروج المدنيين، تكشف روايات الناجين عن واقع مختلف تماماً، حيث تحدثوا عن عمليات إعدام ميدانية بحق رجال اتهموا بالانتماء إلى الجيش، وجرائم عنف جنسي ممنهج ارتكبت ضد النساء، إلى جانب وفيات جماعية بسبب الجوع والعطش، لا سيما بين الأطفال وكبار السن.

وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود" في تقرير حديث أنها قدمت الرعاية الطبية لأكثر من 300 ناجٍ وناجية من ضحايا العنف الجنسي في محلية طويلة، خلال شهري مايو ويونيو فقط. 

نساء يغتصبن وأطفال يموتون عطشًا.. رحلة الهروب من الموت إلى الموت في دارفور

وروت فتاة في السابعة عشرة من عمرها فظائع ما واجهته قائلة: "تعرضنا للضرب والاغتصاب على الطريق"، فيما قالت امرأة أخرى تبلغ من العمر 28 عامًا: "هددوني بقتل طفلي، ثم اغتصبوا أختي أمامي".

ومنذ مطلع عام 2025، كثفت قوات الدعم السريع حصارها لمدينة الفاشر، ما تسبب في موجة نزوح جماعي إلى المناطق الريفية المحيطة، وسط انهيار كامل في الخدمات الصحية وشبكات الإمداد، وغياب شبه تام للغذاء والماء والدواء.

<strong>مدينة الفاشر</strong>
مدينة الفاشر

وأصبح الطريق الواصل بين الفاشر وطويلة، وفق مصادر إنسانية، رمزاً للإبادة الصامتة؛ حيث لا تزهق الأرواح فقط بنيران البنادق، بل أيضًا بالجوع، والعطش، والخذلان.

ورغم ارتفاع عدد التقارير الحقوقية والشهادات المروعة من الضحايا، لا تزال الاستجابة الدولية باهتة، وسط تحذيرات متصاعدة من منظمات غير حكومية بأن ما يحدث في دارفور يحمل ملامح مروعة تشبه بدايات الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، عندما وقف العالم متفرجًا حتى وقعت الكارثة.

تم نسخ الرابط