قلق داخل أوروبا بسبب هجرة أصحاب المواهب والابتكار إلى أمريكا وآسيا

حذر خبراء أوروبيون من تزايد القلق داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي بشأن ظاهرة هجرة العقول والابتكارات نحو الولايات المتحدة وآسيا، وهو ما يهدد مستقبل أوروبا التقني والاقتصادي.
وجاء هذا التحذير في أعقاب خطاب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال "أسبوع التكنولوجيا الإيطالي" في تورينو، حيث أعربت عن تحول جذري في موقف بروكسل نحو دعم الابتكار والتمويل بحزم وواقعية أكثر.
وصفت الباحثة الفرنسية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات الرقمية لورانس ديفيلار، خطاب فون دير لاين بأنه "لحظة صراحة نادرة" تكشف عن إدراك المفوضية للحاجات الملحة لتهيئة بيئة استثمارية وبحثية أكثر جاذبية في أوروبا، مع التركيز على إزالة العقبات البيروقراطية التي تعيق نمو الشركات الناشئة.
وأشارت ديفيلار إلى أن أوروبا تمتلك المواهب والكفاءات، لكنها تعاني من بطء الإجراءات ونقص الجرأة المالية مقارنة بالولايات المتحدة، مما يضعف قدرتها على منافسة السوق العالمية.

إنشاء صندوق أوروبي موحد للابتكار
وفي خطوة مهمة، أعلنت فون دير لاين عن إنشاء "صندوق أوروبي موحد للابتكار" يُتوقع أن يكون نقطة تحول حاسمة إذا نُفذ بسرعة وبشفافية، خاصة في ظل الانتقادات المتزايدة لتشابك اللوائح وتعقيد آليات التمويل داخل الاتحاد.
بدوره، أكد الاقتصادي سيبستيان جان أن خطاب فون دير لاين جاء في وقت حرج يشهد تصاعد المنافسة الدولية على جذب الشركات الناشئة والمواهب، محذرًا من أن أوروبا قد تفقد سيادتها الرقمية إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
وأوضح جان أن النظام الأمريكي يتميز بمرونة ضريبية وقدرة عالية على جذب رأس المال، بينما يعاني الاتحاد الأوروبي من تشتت تنظيمي وضعف ثقافة الاستثمار في التكنولوجيا، مما يجعل توحيد القواعد بين الدول الأعضاء تحديًا كبيرًا.
وشدد على أن نجاح هذه المبادرة يتوقف على مدى استعداد الدول الأعضاء للتخلي عن جزء من سيادتها الوطنية لصالح السلطة الأوروبية، وهو أمر لا يزال محل جدل واسع.
ويرى محللون أن خطاب فون دير لاين يهدف أيضًا إلى تعزيز مكانتها السياسية قبيل الانتخابات الأوروبية المقبلة، حيث تحاول ترسيخ صورتها كقائدة قادرة على مواجهة التحديات التكنولوجية والاقتصادية التي تواجه القارة.
واختتمت فون دير لاين كلمتها بالقول: "أوروبا هي بيتكم، ومن واجبنا أن نجعلها المكان الذي تزدهر فيه أحلامكم"، رسالة تحمل في طياتها التزامًا كبيرًا لكنه يضع المفوضية أمام اختبار حقيقي لتحويل الكلمات إلى أفعال في سباق عالمي محتدم لا ينتظر أحدًا.