كيف نحفظ القرآن الكريم بشكل صحيح ومنضبط ؟.. يسري جبر يجيب

أجاب الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، على سؤال حول الطرق العملية لحفظ القرآن الكريم، موضحًا أن البداية الصحيحة تكون بضبط القراءة أولًا على يد شيخ متقن يعلّم مخارج الحروف وأحكام التجويد من تفخيم وترقيق ومدود وغنة، حتى يُجيز الطالب بقراءته الصحيحة، ثم يبدأ الحفظ بعد ذلك خطوة بخطوة.
وأشار الدكتور يسري جبر خلال حلقة برنامج "اعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة، إلى أن الطريقة العملية المجربة عبر العصور تبدأ بحفظ السور القصيرة في جزء عمّ، لأنها تساعد الذاكرة على الاعتياد على الحفظ بسهولة، ثم يتدرج الطالب إلى الأجزاء الأخرى بشكل متسلسل، حتى يتم حفظ المصحف كاملًا، على أن تكون سورة البقرة آخر ما يُحفظ.
كما شدد يسري جبر على أهمية أن يتم الحفظ تحت متابعة شيخ متخصص، لأن ذلك يضمن سلامة التلاوة وضبط الحفظ، مؤكدًا أن قراءة القرآن دون شيخ قد توقع الطالب في أخطاء يصعب التخلص منها لاحقًا.
وأكد الدكتور يسري جبرعلى ضرورة الاستمرار في تلاوة ما تم حفظه في الصلوات اليومية حتى لا يتعرض للنسيان، مع المراجعة الدائمة والعمل بما في القرآن، سائلًا الله تعالى أن يجعلنا جميعًا من أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته.
https://youtu.be/LZXcxaW4ir8?si=qfGwAFlogeiIm7hn
فضل تعلم القرآن وتعليمه
حثَّ الشرع الشريف على تعلم القرآن وتعليمه، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم متعلمَ القرآن ومعلِّمَه خيرَ الأمة، فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» أخرجه البخاري.
قال الإمام ابن بطال في "شرح البخاري" (10/ 265، ط. مكتبة الرشد): [حديث عثمان يدل على أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها؛ لأنه لما كان مَن تعلَّم القرآن أو علَّمه أفضلَ الناس وخيرَهم دل ذلك على ما قلناه؛ لأنه إنما وجبت له الخيريةُ والفضلُ مِن أجل القرآن، وكان له فضلُ التعليم جاريًا ما دام كلُّ مَن علَّمه تاليًا] .
حكم حفظ القرآن الكريم
تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه من الأمور المطلوبة طلبًا مؤكَّدًا في الشريعة الغراء؛ على مستوى الأمة، وعلى مستوى الفرد:
فأمَّا على مستوى الأمة: فقد أجمع العلماء على أنه يجب على المسلمين القيام على القرآن الكريم حفظًا ونقلًا وتعلُّمًا وتعليمًا، وأن حفظَ القرآنِ كلِّه وضبطَه فرضُ كفاية على مجموع المسلمين؛ إن قام به بعضهم سقط الإثم عن باقيهم، وإن تركوه جميعًا أثموا جميعًا.
قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 156، ط. دار الكتب العلمية): [واتَّفقوا على استحسان حفظ جميعه، وأنَّ ضبط جميعه على جميع الأمة واجب على الكفاية لا متعيِّنًا] .
وأما على مستوى الفرد: فقد أجمعوا على أنَّه يجب على المكلَّف أن يحفظ من القرآن ما يقيم به صلاته وفرضه.
قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 156): [واتَّفقوا على أَن حفظ شَيء من الْقُرْآن واجب، ولم يتفقوا على مَاهِيَّة ذَلِك الشَّيء وَلَا كميته بِمَا يُمكن ضبط إجماع فِيهِ، إلَّا أَنهم اتَّفقُوا على أَنَّ مَن حفظ أمَّ الْقُرْآن ببِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كلها وسورة أُخْرى معها فقد أدَّى فرض الْحِفْظ وَأَنه لَا يلْزمه حفظ أَكثر من ذَلِك]