عاجل

الموت في الحوادث قضاء وقدر..هل يتنافى مع رحمة الله الواسعة؟ أزهري يجيب|خاص

الشيخ أحمد السيد
الشيخ أحمد السيد

لا يخلو يوم من خبر حادث أليم يذهب فيه أبرياء أو يخلف وراءه جراحًا ودموعًا، فتثور في الأذهان تساؤلات حائرة: هل الحوادث قضاء الله المحتوم، أم هي مجرد أخطاء بشرية يمكن تفاديها؟، وإذا قلنا إن الموت قضاء وقدر، فهل يتنافى ذلك مع رحمة الله الواسعة؟

هل الحوادث قضاء الله أم أخطاء بشرية؟

يقول الشيخ أحمد السيد الواعظ العام بمنطقة الدقهلية الأزهرية، إن الحوادث مزيج من القضاء الإلهي والأخطاء البشرية معًا، ولا تعارض بينهما في المنظور الإسلامي.

فمن جهة القضاء والقدر: كل ما يقع في الكون سبق به علم الله وجرى به قدره، فلا يخرج حادث عن: إرادته وعلمه وحكمته وقدرته، ومن جهة الأسباب البشرية: كثير من الحوادث ثمرة سرعة متهورة، أو إهمال في الصيانة، أو مخالفة للأنظمة.

وبين أن هذه الأخطاء تقع بمشيئة الله، لكنها تحمّل صاحبها المسؤولية، ولا تعفيه منها؛ فالحادث في جوهره قضاء الله، لكنه في سببه خطأ بشري، فلا ينبغي أن نتعلل بالقدر؛ لنبرّر التقصير أو نتهرب من الواجب.

هل نسبة الموت للقضاء تتعارض مع رحمة الله؟

يقول الواعظ بالأزهر، إن نسبة الموت للقضاء لا تتعارض مع رحمة الله، بل هي من تمام الرحمة، حيث الموت انتقال لا فناء: هو عبور من دار إلى دار، عبور من حياة دنيوية إلى حياة برزخية، وباب للقاء الله ورحمته.

ونبه أن من حِكَم الموت أنه رحمة، فإذا عاش الناس بلا موت؛ لفسدت الأرض وثقلت الحياة، ولكن الله جعل في الموت نظامًا يعيد التوازن للوجود، كما أن الموت تكفير ورفع درجات: إذا صبر المؤمن على ما يصيبه من حادث أو بلاء، كان تكفيرًا لذنوبه ورفعةً لمقامه.

كذلك الموت رحمة خفية: قد يسبق الموت بلاء أعظم أو فتنة في الدين، فيختار الله لعبده الرحمة بما لا يدركه عقله.

وشدد على أن رحمة الله تحيط بكل ما يقضيه ويقدره، حتى وإن لم ندرك الحكمة في لحظتها.

الله لا يفرض وقوع هذه الحوادث

بدوره، قال الدكتور هشام الصوفي واعظ أول بمجمع البحوث الإسلامية - وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف‏ لدى ‏منطقة كفر الشيخ الأزهرية‏، إن هذه الإشكالية قديمة فالله عزوجل يمتلك علمًا أزليًا بما سيحدث في الأمور لكنه لا يفرض وقوع هذه الحوادث وهي من اختيارات الإنسان كي لا يحتج الإنسان بذنوبه على القضاء والقدر، فالله سبحانه وتعالى يعلم بعلمه ما سيكون.

لا تعارض بين كونها قضاء وأخطاء بشرية

وتابع في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»: "لا تعارض بين كون الحوادث من قضاء الله ومن الأخطاء البشرية، فكل ما يحدث في الكون هو في علم الله الأزلي، قال الله تعالى: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا" {التوبة:51}. وقال سبحانه: " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" {التغابن:11}.

وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة). رواه أبو داود والترمذي.

وشدد الواعظ بالأزهر على أن وقوع الحوادث يكون بعلم مسبق من الله، وهذا لا يعارض كونه من كسب الإنسان أيضًا بمخالفته الأخذ بأسباب السلامة والنجاة، فالله يعلم اختيارات الإنسان مسبقًا وبالتالي يعلم ما تذهب إليه الأمور، علم سبق لا فرض أمر. 

هل الحوادث قضاء الله أم أخطاء بشرية؟

هل الحوادث قضاء الله أم أخطاء بشرية؟، مسألة أثارتها منصة تكوين من خلال أحد الباحثين الذين ذهبوا إلى القول بأن الحوادث هي أخطاء بشرية بعيدة عن قضاء الله وقدره، مشيرًا إلى أنه عند حدوث حادثة على الطريق يقول البعض ربنا عايز كده، متسائلًا: هل يريد الله الطريق ظلامًا أو غير ممهد؟!

وتابع: «الناس اللي بتموت على الطريق هل هذا قضاء الله؟!، من يموت بسبب الطعام الفاسد هل هذا قضاء الله؟!، مشددًا: هنا إعمال العقل مهم، وإرجاع الأمور لأسبابها العلمية، الله برئ من الأشياء والتهم الكثيرة التي نتهمه بها، ومنها تشويه الأجنة وحوادث الطرق».

تم نسخ الرابط