ما حكم سنة الجمعة القبلية… وحكم صلاة النافلة بعد الجمعة؟

أجمع العلماء قديمًا وحديثًا على استحباب سنة الجمعة القبلية ومشروعيتها، وثبت أداؤها عن النبي ﷺ وعن عدد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فلا يصح القول بكراهتها، فضلًا عن وصفها بالبدعة أو التحريم، بل إن اعتبارها بدعة هو في حد ذاته القول المبتدع والمردود.
حكم صلاة النفل بعد الجمعة
اتفق أهل العلم على مشروعية التطوع بالصلاة بعد أداء صلاة الجمعة، غير أنهم اختلفوا في العدد الأفضل: هل هو ركعتان أم أربع ركعات.
أنواع النفل قبل الجمعة
النوافل قبل صلاة الجمعة تنقسم إلى نوعين:
1. نفل مطلق: وهو الصلاة غير المقيدة بعدد مخصوص.
2. سنة راتبة: وهي الصلاة المرتبطة بوقت أو فرض معين.
حكم النفل المطلق قبل الجمعة
الصلاة النافلة قبل الجمعة بشكل مطلق جائزة باتفاق الفقهاء، بل هي من المستحبات.
ومن أدلتها:
• حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ تَمَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» رواه البخاري.
• وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْخُطْبَةُ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَ الإِمَامِ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالأُخْرَى، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» رواه مسلم.
هل للجمعة سنة راتبة قبلية؟
اختلف الفقهاء في وجود سنة راتبة قبل الجمعة:
• الرأي الأول: أن للجمعة سنة قبلية راتبة، وهو مذهب الحنفية، وقول للشافعية، ورواية عن الحنابلة، وبه قال كثير من العلماء.
• الحنفية يرون أن قبل الجمعة أربع ركعات وبعدها أربع.
• الشافعية قالوا: أقل السنة ركعتان قبلها وركعتان بعدها.
• الرأي الثاني: أنه لا توجد سنة راتبة قبل الجمعة، وإنما يستحب التنفل المطلق فقط، وهو قول المالكية، وقول لبعض الحنابلة.
الأدلة على السنة القبلية للجمعة
استدل من قال بوجود سنة قبلية بأحاديث وآثار، منها:
• حديث سليك الغطفاني رضي الله عنه، حين دخل والنبي ﷺ على المنبر فقال له: «أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ؟» قال: لا. قال: «قُمْ فَارْكَعْهُمَا» (متفق عليه).
• حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «مَا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلَّا وَقَبْلَهَا رَكْعَتَانِ» (رواه ابن حبان وغيره).
• حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» (متفق عليه).
كما جرى عمل كثير من الصحابة والتابعين على الصلاة قبل الجمعة؛ فكان ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم يصلون قبلها أربع ركعات وبعدها كذلك.
الرد على من أنكر الصلاة قبل الجمعة
بعض العلماء أنكروا تخصيص صلاة راتبة قبل الجمعة، لكن كبار المحققين ردوا عليهم؛ ومن ذلك ما كتبه ابن رجب في كتابيه: نفي البدعة عن الصلاة قبل الجمعة و إزالة الشنعة عن الصلاة قبل الجمعة، حيث أثبت بالأدلة أن الصلاة قبل الجمعة مشروعة وليست بدعة