الدكتور أسامة فخري: الإيثار قمة العطاء وسر الترابط المجتمعي في الإسلام |فيديو

أكد الدكتور أسامة فخري الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، أن الإيثار يمثل أعلى مراتب السخاء وأسمى معاني العطاء في الإسلام، مشيرًا إلى أن هذه القيمة العظيمة تحث على تقديم مصلحة الآخرين على النفس، حتى في أوقات الحاجة والضيق.
واستدل الجندي بقول الله تعالى: "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" (الحشر: 9)، موضحًا أن الإيثار هو ركيزة أساسية لبناء مجتمع متكافل ومترابط يتراحم أفراده ويتشاركون في الخير.
وأوضح الجندي خلال حلقة برنامج "أثر"، المذاع على قناة الناس، أن الإيثار يرسخ في النفس معاني البذل والعطاء، ويقضي على صفات الأنانية والبخل، مما يجعله من أهم القيم التي تسهم في تعزيز التضامن الاجتماعي، مضيفًا: "الإسلام جعل الإيثار من صفات المؤمنين الحقيقيين الذين يحبون الخير لإخوانهم كما يحبونه لأنفسهم".
قصة أبي عبيدة
لتوضيح قيمة الإيثار، استشهد الدكتور أسامة الجندي بموقف عملي من حياة الصحابة رضوان الله عليهم، يتمثل في قصة الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، فقد أرسل إليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كيسًا من المال، فبادر أبو عبيدة بتوزيع المال على الفقراء والمحتاجين دون أن يحتفظ لنفسه بشيء.
وأشار الجندي إلى أن هذا الموقف تكرر مع الصحابي معاذ بن جبل، رضي الله عنه، الذي وزع المال على الفقراء حين أُرسل إليه، مما جعل سيدنا عمر بن الخطاب يقول: "إنهم إخوة، بعضهم من بعض".
وأوضح الجندي أن هذه المواقف تبرز قيمة الإيثار التي تحلّى بها الصحابة، إذ كان كل واحد منهم يقدّم مصلحة الآخرين على مصلحته الشخصية، حتى في أشد أوقات الحاجة.
موقف السيدة عائشة
انتقل الدكتور الجندي للحديث عن موقف آخر يعكس قمة الإيثار، وهو موقف السيدة عائشة، رضي الله عنها، عندما طلب منها عمر بن الخطاب أن يُدفن بجوار النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق، رضي الله عنهما.
واستطرد: "رغم أن السيدة عائشة كانت ترغب في أن تُدفن هي في هذا المكان المبارك، إلا أنها آثرت دفن عمر بن الخطاب هناك تقديرًا لمكانته، وفضّلت مصلحته على رغبتها الشخصية، في موقف يعكس أسمى معاني الإيثار".
أوضح الجندي أن الإيثار ليس مجرد قيمة فردية، بل هو أساس لبناء مجتمع متكافل ومتراحم. فالمجتمع الذي يسود فيه الإيثار هو مجتمع يخلو من الأنانية والبخل، ويصبح أفراده شركاء في الخير والتكافل.
الإيثار في الإسلام
وأضاف أن هذه القيمة تضمن تحقيق التضامن الاجتماعي، حيث يبادر الأفراد إلى مساعدة بعضهم البعض، مما يخلق حالة من الألفة والمودة بين أفراد المجتمع.
وأشار الدكتور الجندي إلى أن الإيثار في الإسلام ليس مقتصرًا على العطاء المادي فقط، بل يشمل أيضًا الإيثار المعنوي، كالتضحية بالوقت أو الجهد أو حتى المشاعر من أجل الآخرين. وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ضربوا أروع الأمثلة في الإيثار، ما يجعلها قيمة أساسية يجب أن يقتدي بها المسلمون في حياتهم اليومية.

ودعا الجندي، إلى تعزيز قيمة الإيثار في المجتمع، والعمل على غرسها في نفوس الأفراد منذ الصغر، مشيرًا إلى أن هذه القيمة قادرة على تحويل المجتمع إلى كيان متماسك تسوده روح التعاون والمحبة، مؤكدًا أن الإيثار هو أحد المفاتيح التي تعزز الترابط الاجتماعي وتحقق السعادة الحقيقية للفرد والمجتمع، ليعيش الجميع في ظل قيم العطاء والمشاركة والتكافل، كما أراد الإسلام.