عاجل

من الظلام إلى الفائض.. كيف أصبحت مصر قوة كهربائية إقليمية؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

قبل عشر سنوات فقط، كانت انقطاعات التيار الكهربائي تمثل كابوسًا يوميًا للمواطنين، سواء في المنازل أو المصانع أو المستشفيات، أما اليوم، فقد تحوّل قطاع الكهرباء في مصر إلى قصة نجاح حقيقية جعلت الدولة لا تكتفي بتغطية احتياجاتها، بل تحقق فائضًا كبيرًا وتخطط لتصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الطاقة.

من عجز إلى فائض

في عام 2014، بلغ العجز في إنتاج الكهرباء نحو 6 آلاف ميجاوات يوميًا، وهو ما أدى إلى تخفيف الأحمال وانقطاع التيار في معظم المحافظات. أما اليوم، فقد ارتفعت القدرات الإنتاجية لتتجاوز 60 ألف ميجاوات، بفضل مشروعات عملاقة نفذتها الدولة، مما وفر فائضًا يتراوح بين 10 و15 ألف ميجاوات يوميًا.

جاءت النقلة الكبرى مع إنشاء 3 محطات عملاقة بالتعاون مع شركة سيمنس الألمانية في كل من بني سويف، البرلس، والعاصمة الإدارية الجديدة، بتكلفة إجمالية وصلت إلى 6 مليارات يورو، بطاقة إنتاجية قدرها 14.4 ألف ميجاوات، وهو ما يمثل نحو ربع إنتاج مصر من الكهرباء.

طاقة متجددة تنافس عالميًا

دخلت مصر بقوة في مجال الطاقة المتجددة، حيث يحتل مجمع بنبان الشمسي بأسوان موقعًا متميزًا عالميًا، إذ يضم أكثر من 32 محطة شمسية باستثمارات تتجاوز 2 مليار دولار، وينتج نحو 1650 ميجاوات، ليصنف كأحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم.

كما تم تدشين مشروعات طاقة الرياح في جبل الزيت بطاقة 580 ميجاوات، ليصبح من أكبر المشروعات في الشرق الأوسط وأفريقيا.

لم تقتصر الرؤية على الداخل، إذ شرعت مصر في تنفيذ مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار،مع السودان بقدرة 300 ميجاوات، مع السعودية بقدرة تصل إلى 3 آلاف ميجاوات، ومن المقرر تشغيله خلال 2025،مع قبرص واليونان عبر البحر المتوسط، بما يتيح تصدير الكهرباء إلى أوروبا.

هذه المشروعات تفتح آفاقًا ضخمة لمضاعفة العوائد الاقتصادية، خصوصًا في ظل الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة.

تطوير الخدمات للمواطنين

على الصعيد الخدمي، توسع القطاع في تركيب أكثر من 12 مليون عداد مسبق الدفع وذكي، ضمن خطة تستهدف تعميم العدادات الذكية خلال السنوات المقبلة. كما جرى تحديث مراكز التحكم القومي في الكهرباء لتقليل الأعطال ورفع كفاءة الخدمة.

يشير البيانات أن استقرار قطاع الكهرباء وتوافر فائض الإنتاج أصبح عنصرًا رئيسيًا في جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في القطاعات الصناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة. وتؤكد بيانات وزارة الكهرباء أن القطاع الصناعي يستحوذ على نحو 43% من إجمالي استهلاك الكهرباء في مصر، ما يعكس أهميته كركيزة للتنمية الاقتصادية.

تستهدف الدولة رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الإنتاج بحلول 2035، بما يتماشى مع التزامات مصر الدولية تجاه قضايا المناخ والتحول الأخضر.

وبهذا الانتقال السريع من "عجز" إلى "فائض"، تحول قطاع الكهرباء في مصر من عبء ثقيل على الدولة إلى قاطرة تنموية قادرة على دعم خطط التصنيع والتصدير، وتعزيز مكانة مصر كمحور استراتيجي للطاقة في المنطقة.

تم نسخ الرابط