عاجل

ترامب ونتنياهو يعلنان الحرب على العالم بسبب الاعتراف بدولة فلسطين

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

تشهد أروقة الأمم المتحدة هذا الأسبوع واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخها الحديث، مع تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى، في أعقاب إعلان عدد من الدول الغربية بريطانيا، كندا، أستراليا، البرتغال، وفرنسا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، لتنضم إلى أكثر من 150 دولة تعترف بها داخل المنظمة الأممية.

ويعد هذا التحول خرقًا للنهج الغربي التقليدي الذي كان يربط الاعتراف بقيام مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي مفاوضات مجمّدة منذ عام 2014، بحسب ما أفادت به مجلة "التايم" الأمريكية.

العدوان الإسرائيلي يستقبل طوفان من الاعتراف بفلسطين

ووفق المجلة، جاءت هذه الاعترافات ردًا مباشرًا على استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة، وتسارع الاستيطان في الضفة الغربية، وهو ما اعتبرته تلك الدول تهديدًا مباشرًا لحل الدولتين.

وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن القرار يهدف إلى الحفاظ على أمل حل الدولتين، فيما وصف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الاعتراف بأنه قرار سياسي رمزي وفوري.

إسرائيل تزعم: الاعتراف بفلسطين جائزة لحماس

كان الرد الإسرائيلي حادًا، إذ وصف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هذه الاعترافات بأنها بمثابة "جائزة لحماس". 

أما سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، فاعتبر التصريحات الصادرة عن الدول الغربية "جوفاء وتتجاهل الواقع"، زاعمًا أن الانتصار على حماس لن يتحقق بالبيانات الأممية، بل بالقوة العسكرية.

ترامب ونتنياهو: حملة مشتركة ضد الاعتراف الدولي

في مواجهة هذا التغير الدولي، يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستخدام الجمعية العامة للأمم المتحدة كمنصة لشن هجوم دبلوماسي مضاد على الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين.

فيما شدد ترامب، الذي سبق أن أبدى خلافًا علنيًا مع ستارمر خلال زيارته الأخيرة إلى لندن، على أن إطلاق سراح الرهائن يجب أن يسبق أي نقاش حول إقامة الدولة الفلسطينية، مستشهدًا بهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، واصفًا إياه بأنه "واحد من أكثر الأيام دموية في التاريخ"، حسب زعمه.

وكرر نتنياهو،  رفضه القاطع لفكرة الدولة الفلسطينية، قائلاً:"لن تقوم دولة فلسطينية غرب نهر الأردن"، مؤكدًا أن الاعترافات الأوروبية لا تغير شيئًا من "الواقع الأمني" القائم، بل تزيد عزلة إسرائيل وتشجع أعداءها.

وذكرت "التايم" أن هذا الخطاب الصدامي يلقى دعمًا واسعًا من وزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية. حيث دعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى الرد عبر ضم الضفة الغربية، بينما طالب وزير الأمن إيتمار بن غفير بـ"السحق الكامل للسلطة الفلسطينية".

غزة: مأساة إنسانية في قلب المشهد

وسط هذا السجال السياسي، تبقى غزة بؤرة المواجهة الميدانية. إذ تتحدث تقارير الأمم المتحدة عن نزوح أكثر من 400 ألف فلسطيني من مدينة غزة، مع 28 ألف حالة سوء تغذية بين الأطفال خلال شهري يوليو وأغسطس فقط، وأُعلنت حالة المجاعة رسميًا في محافظة غزة، مع مخاوف من امتدادها إلى دير البلح وخان يونس.

وذهبت تقارير أممية مستقلة إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث خلصت لجنة تحقيق إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة، مستندة إلى تصريحات تحريضية صادرة عن نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين.

وقد أيدت الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية هذا التقييم، معتبرة أن السياسات الإسرائيلية تفي بشروط الإبادة الجماعية وفق اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948. أما إسرائيل، فقد رفضت هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها "منحازة ومشوهة للحقائق".

أوروبا: بين التقدم السياسي والانقسام الدبلوماسي

رغم اعتراف عدد من الدول الأوروبية البارزة، إلا أن الاتحاد الأوروبي كمؤسسة لم يتبن موقفًا موحدًا. فمثلاً، أعلنت ألمانيا أن الاعتراف بدولة فلسطين يجب أن يكون نهاية عملية تفاوضية، في إشارة إلى تمسكها بالنموذج التقليدي القائم على الحوار المباشر.

وترى "التايم" أن هذا الانقسام الأوروبي يعكس انقسامًا أعمق في الغرب على النحو التالي:

  • فريق يرى الاعتراف خطوة ضرورية لإنقاذ حل الدولتين.
  • وفريق يعتبرها تحركًا متسرعًا يُقوّض فرص التسوية السياسية.

تصعيد داخل الأمم المتحدة

ورغم طابع الاعترافات الأخيرة الرمزي، لكنها تشكل نقطة تحول استراتيجي في مسار القضية الفلسطينية داخل النظام الدولي. فهي من جهة تعزز عزلة إسرائيل دبلوماسيًا، وتحد من قدرة واشنطن على فرض رؤيتها، ومن جهة أخرى قد تفتح الباب أمام صدام مباشر داخل الأمم المتحدة بين معسكرين متناقضين في الرؤية.

ويرى ترامب في هذه المواجهة فرصة لإعادة تأكيد زعامة أمريكا الدولية من خلال دعم غير مشروط لإسرائيل، فيما يعتمد نتنياهو على هذا التصعيد كوسيلة لتأمين بقائه السياسي داخليًا وخارجيًا.

الفلسطينيون: بين الشرعية الدولية والكارثة الإنسانية

في خضم هذا الصراع الدولي المحتدم، يبقى الفلسطينيون محاصرين بين مكتسبات دبلوماسية متزايدة وكارثة إنسانية متصاعدة.

  • في غزة: حرب عدوانية مستمرة ومجاعة تتوسع.
  • في الضفة: تسارع للاستيطان.
  • وفي السياسة: سلطة فلسطينية عاجزة عن فرض سيادتها.

وهنا يبرز التناقض الجوهري: في الوقت الذي تتوسع فيه الشرعية الدولية للاعتراف بفلسطين، فإن شروط قيام الدولة فعليًا على الأرض تتراجع بشكل متسارع.

تم نسخ الرابط