وزير الأوقاف : العبد الصالح يكون محبوبًا حتى من الجماد

استعرض الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، كنوز وأسرار الجزء الخامس والعشرين من القرآن الكريم، في حلقة جديدة من برنامجه "اللؤلؤ والمرجان"؛ للوقوف على بعض ما في هذا الجزء من الآيات والدلائل والعلوم والمعارف والقيم والأخلاق.
كنوز وأسرار الجزء الخامس والعشرين من القرآن الكريم
في بداية الحلقة أشار وزير الأوقاف إلى أن أيام شهر رمضان تمضي سريعًا، ويقترب ختام الشهر الكريم، وأن القلوب تتحير بين شعور بالفرح والسرور بتمام مِنّة الله ونعمته، "ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم" من ناحية، وشعور آخر بالحزن لقرب فراق أيام شهر رمضان المعظم من ناحية أخرى، داعيا الله سبحانه أن يتمّ علينا النعمة، وأن يديم لنا الفضل من لدنه.
واستعرض الأزهري، الموضع الأول من الجزء، وهو قول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الجَوَارِ فِي البَحْرِ كَالأَعْلَامِ}(الشورى ٣٢).
مبينًا أن معنى:"وَمِنْ آيَاتِهِ" أي من دلائل عظمته، ومن البراهين والحجج والأدلة على مجد الألوهية، وأن معنى:"الجَوَارِ فِي البَحْرِ كَالأَعْلاَمِ"، السفن التي تشق صفحة الماء، وتخترق البحار والمحيطات، والتي يبحر فيها البحارة المهرة الذين يعرفون مسالك البحار، ويهتدون في ظلمات البحر من خلال الاستدلال بالنجوم.
كما أكَّد أن ذلك نشأ به بعض العلوم المعقدة، حيث يرصد علماء الفلك والبحارة النجوم، ويحفظون مجموعاتها، ويستخدمونها لتحديد الاتجاهات.
وبيَّن أيضا أن القرآن ينقلنا بعد ذلك إلى صورة أخرى، فيقول: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}(الشورى ٣٣).
وأكَّد وزير الأوقاف أن القرآن يحرك العقول، ويدعو للتأمل والاكتشاف، ولإعمال الفكر في العلوم المختلفة.
ضبط النفس عند الغضب
كما تناول وزير الأوقاف موضعًا آخر من السورة الكريمة وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}(الشورى ٣٨)، وربط بين هذه الآية وسابقتها بأن العلماء المهرة في علوم البحار، هم أنفسهم هؤلاء الأتقياء، الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، والذين إذا غضبوا يغفرون.
كما أكد أن هذه الآية تدعونا إلى ضبط النفس عند الغضب، فقد قال النبي ﷺ:" إن الغضب جمرة تُوقد في القلب، فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئًا، فإن كان قائمًا فليجلس، وإن كان جالسًا فليضطجع، فإن لم يزل عنه الغضب فليتوضأ، فإن الغضب من النار، وإن النار لا يطفئها إلا الماء."
واستعرض الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، موضعا آخر من سورة الدخان، وهو قول الله تعالى: {وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}(الدخان ٢٤)، ثم ينتقل بنا القرآن إلى وصف مصر فيقول: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}(الدخان ٢٥-٢٧)، داعيا إلى تأمل هذا الوصف الإلهي لمصر: جنات، وعيون، وزروع، ومقام كريم، ونعمة فائضة.
إنها صورة عظيمة عن مصر التي يجب أن نسعى لإعادتها إلى مجدها، بأن نعمل بجد، ونتحد، ونستغل خيرات بلدنا.
كما وقف وزير الأوقاف وقفة تأملية مع قول الله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}(الدخان٣٧).
مبينًأ أن التبابعة هم ملوك اليمن القدامى، ومن بينهم ملك صالح اسمه تبع، عاش قبل بعثة النبي ﷺ بحوالي سبعمائة سنة.
حينما وصل "تبع" إلى يثرب (المدينة المنورة)، أراد خرابها، لكنه سمع من الأحبار والرهبان أن هذه المدينة ستكون مهاجر نبي آخر الزمان، فاحترمها، وكتب أبياتًا تدل على حبه للنبي ﷺ، وصلت فيما بعد إلى الصحابي أبي أيوب الأنصاري.
وأكَّد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، أن العبد الصالح يكون محبوبًا حتى من الجمادات؛ فحينما يُحبك الله، يحبك كلُّ شيء: السماء، الأرض، الجبال، وحتى الكون من حولك.
واختتم وزير الأوقاف حلقته داعيا الله سبحانه أن يجعلنا من عباده المحبوبين عنده.