عاجل

ما حكم الدعاء جهرًا في جماعة .. وهل يعد من البدع ؟

الدعاء
الدعاء

يعد الدعاء هو روح العبادة، ولسان الافتقار، وجسر يصل بين العبد وربه. وفي كل زمان ومكان، يرفع المسلمون أكفهم إلى السماء يرجون رحمة الله ويطلبون فضله.

ما حكم الدعاء جهرًا في جماعة؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الدعاء عبادة عظيمة وسع الله تعالى فيها على عباده، فجاء الأمر بها مطلقًا غير مقيد بكيفية معينة، فإذا شَرَع الله سبحانه أمرًا على سبيل الإطلاق وكان يحتمل وجوهًا متعددة في أدائه، وجب إبقاؤه على إطلاقه وسعته، ولا يجوز حصره في وجه واحد دون غيره إلا بدليل شرعي صحيح؛ لأن تضييق ما جعله الله واسعًا يُعَدّ من البدع المذمومة. ولذلك يجوز أن يكون الدعاء سرًّا أو جهرًا، فردًا أو جماعة، غير أن الدعاء الجماعي خلف إمام واحد يكون أدعى للخشوع، وأرجى للقبول، وأجمع للقلوب، وأبلغ في إظهار الافتقار والتضرع بين يدي الله عز وجل

فضل الدعاء

الدعاء عبادة عظيمة أمر الله تعالى بها، ورغّب فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورد الأمر به مطلقًا من غير تقييد بكيفية معينة؛ فيجوز أن يكون سرًّا أو جهرًا، فردًا أو جماعة، فالأمر فيه واسع. لذلك فإن الخلاف حول هذه المسألة لا يرضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل يُعَدّ من البدع المذمومة، إذ من البدعة التضييق فيما جعله الشرع واسعًا. فإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في أدائه أكثر من وجه، فالأصل أن يبقى على إطلاقه، ولا يجوز تقييده بوجه دون آخر إلا بدليل صحيح.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التعمق وكثرة السؤال فيما سكت عنه الشرع، وبيَّن أن سكوت الله عز وجل عن بعض الأمور إنما هو رحمة وتيسير للأمة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ فَرائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوها، وحَرَّمَ حُرُماتٍ فَلَا تَنتَهِكُوها، وحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعتَدُوها، وسَكَتَ عن أشياءَ رَحمةً لكم مِن غيرِ نِسيانٍ فَلَا تَبحَثُوا عنها» رواه الدارقطني وغيره عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وصححه جمع من العلماء.

وقال التفتازاني في شرحه للأربعين النووية: إن معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم «فلا تبحثوا عنها» أي لا تسألوا عن حالها؛ لأن السؤال عما سكت الله عنه قد يؤدي إلى تكاليف شاقة، والأصل في هذه الحال البراءة والسعة.

وبيّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطر من يضيّق على المسلمين بكثرة الأسئلة والتنقيب؛ فقال: «أعظَمُ المُسلِمِينَ في المُسلِمِينَ جُرمًا مَن سَألَ عن شَيءٍ ونَقَّرَ عنه فحُرِّمَ على النّاسِ مِن أجلِ مَسألَتِه» رواه مسلم.

كما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «أيها النّاسُ، قد فَرَضَ اللهُ عليكم الحَجَّ فحُجُّوا»، فسأله رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى كررها ثلاثًا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم»، ثم قال: «ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» متفق عليه.

وقد علّق المناوي على قوله «ذروني ما تركتكم» بأن المقصود الحث على ترك كثرة الأسئلة التي لا حاجة لها؛ لأنها قد تؤدي إلى إلزامات وتشديدات لم تُطلب أصلًا، كما حدث مع بني إسرائيل حين شددوا فشُدِّد عليهم.

ومع ذلك فإن الدعاء الجماعي له فضل عظيم؛ إذ يكون أقرب إلى القبول، وأشد تأثيرًا في إيقاظ القلب، وأجمع للهمم، وأعظم في إظهار الخضوع والتذلل بين يدي الله عز وجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يدُ اللهِ مع الجماعةِ» رواه الترمذي والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

تم نسخ الرابط