عاجل

مسلسل 220 يوم الذي عُرض على منصة شاهد لم يكن مجرد عمل عابر بل تجربة إنسانية صادقة اقتربت من وجداننا وجعلتنا نعيش لحظات لا تُنسى، فكرة العمل في ظاهرها بسيطة لكنها في العمق تضعنا أمام سؤال كبير: كيف يواجه الإنسان الموت وهو في لحظة انتظار الحياة؟ أداء كريم فهمي كان بالنسبة لي حجر الأساس في نجاح المسلسل، صدق المشاعر التي نقلها لم يتركني كمشاهدة بعيدة بل جعلني أشارك أحمد خوفه وقلقه على ابنته بهية، توقفت طويلًا أمام المشهد الذي تخيلها فيه تكبر ويقترب منها شاب فبدت غيرته طبيعية لدرجة جعلتني أنسى أنني أمام ممثل كأنه أب حقيقي يغار على ابنته، أما عبارته الشهيرة لزوجته عيسى ابن مريم فقد جاءت عميقة وملتصقة بالمعنى الروحي وكأنها محاولة للتشبث بالأمل في أحلك اللحظات، كم من الآباء شعروا بما شعر به أحمد؟ وكم من الأمهات وجدن أنفسهن في صمته؟ أما صبا مبارك فقد شدتني في صراعها الداخلي أن تخبر زوجها بالحقيقة لتمنحه فرصة الشفاء أم تصمت خوفًا من أن تهدم ما تبقى من قوته، وكم من مرة مررنا جميعًا بلحظة شبيهة نعلم فيها أن الصراحة قد تشفي لكنها قد تؤلم أيضًا، أداؤها جعلني أعيش هذه الحيرة كأنها تخصني، ولا أنسى التناغم بينها وبين كريم فهمي الذي يعيد إلى الأذهان شخصيتي عاصم وأحلام في حكايات بنات شخصيتان ما زال الجمهور يتساءل ماذا لو استمرت حكايتهما، وتبقى ميرا دياب مفاجأة العمل بدور عالية فقد جسدت إحساس امرأة تعرف في أعماقها أن خطيبها لا يحبها بالصدق الذي تتمناه لكنها تكابر وتكذب على نفسها، كم كان أداؤها صادقًا حين كشفت هذا الانكسار الداخلي بملامحها قبل كلماتها حتى شعرتُ أنا شخصيًا وكأنني أمام حكاية سمعتها في الواقع، إخراج كريم العدل أحسن قيادة هذا البناء فحافظ على إيقاع متماسك ومنح الممثلين المساحة الكافية ليتألقوا، الصورة والإضاءة جاءت مكمّلة للرؤية فالظلال واللقطات القريبة حمّلت المشاهد ثقل اللحظة فيما منحت الأضواء المشرقة متنفسًا للأمل، وهكذا اجتمع الكريمان كريم فهمي وكريم العدل ليقدما عملًا متينًا في تفاصيله صادقًا في معناه وأثبتا أن تكرار التعاون بينهما يزيد التجربة نضجًا وقوة، وفي النهاية خرجت من 220 يوم وأنا أشعر أنني لم أشاهد مسلسلًا فحسب بل عشت حكاية قريبة من قلبي وربما من قلوبنا جميعًا.

تم نسخ الرابط