جمال عبد الجواد: واشنطن فقدت دور الوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

قال الدكتور جمال عبد الجواد، مستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إن الولايات المتحدة لم تعد تقوم بدور الوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل أصبحت، حسب تعبيره، "منحازة بشكل كامل ومباشر للموقف الإسرائيلي".
وخلال حديثه في برنامجه "المشهد"، الذي يُذاع عبر شاشة "TEN"، أوضح عبد الجواد أن ما يجري اليوم ليس مجرد حرب إسرائيلية، بل "حرب نتنياهو" بالأساس، يسعى من خلالها إلى تحقيق أهداف سياسية وشخصية مرتبطة ببقائه في السلطة، متذرعاً بملف الأسرى.
وأشار إلى أن نتنياهو رفض كل العروض المتعلقة بصفقات تبادل الأسرى، رغم جهود الوسطاء المتواصلة، مؤكدًا أن استمرار العمليات العسكرية في هذا السياق يعكس انفصالاً كاملاً عن الواقع، مضيفا:" أن إسرائيل تعيش اليوم في عزلة دبلوماسية غير مسبوقة، بينما يقودها نتنياهو إلى "كارثة" نتيجة ما وصفه بـ"النرجسية المتضخمة" التي تطبع سلوكه السياسي.
وأضاف: "نحن نتعامل مع شخصية لا تخضع لمنطق العقل؛ إنه يغامر طوال الوقت، ويضع إسرائيل في حالة دائمة من المجازفة، رغم العواقب الوخيمة".
تشبيهات عسكرية وانفصال عن الواقع
واعتبر أن الدليل الأبرز على حالة الانفصال النفسي لدى نتنياهو هو الخطاب الإسرائيلي الذي شبّه إسرائيل لأول مرة بمدينة "سبرطة" الإغريقية، أي الدولة القائمة فقط على القوة العسكرية، واصفًا ذلك بأنه تعبير واضح عن الذهنية العسكرية المتطرفة التي تهيمن على القيادة الإسرائيلية الحالية.
وقال إن إسرائيل تستفيد من فائض قوتها العسكرية لتحقيق حقائق جديدة على الأرض بالقوة المسلحة منفردة، مشيراً إلى أن الدعم الدولي، وخاصة الأمريكي، يمنحها مساحة واسعة للتحرك.
وأوضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب امتنع مرارًا عن إبداء موقف ناقد لما تقوم به إسرائيل، مفضلاً القول إن "إسرائيل تعي ما تفعله"، وهو دليلاً على تطابق كامل بين واشنطن وتل أبيب، بدلاً من لعب دور الوسيط كما كان سابقاً.
وأشار إلى أن أقصى ما يمكن لإسرائيل تحقيقه يرتبط بفكرة "إسرائيل الكبرى"، وهو مشروع تتبناه تيارات سياسية داخلية توسعت تدريجيًا منذ يونيو 1967، حتى أصبح نفوذها اليوم في تزايد مستمر، معتبرًا أن ما يحدث يمثل نقطة تحول فارقة داخل المجال السياسي الإسرائيلي.
وأكد عبد الجواد، أن المشروع الصهيوني في بداياته كان ذا طبيعة قومية علمانية، ذات نزعة يسارية، ارتكز على إقامة دولة في السهل الساحلي بعيداً عن البعد الديني.
وتابع "لكن مع الهزائم العربية وتغير موازين القوى، تحولت الفكرة تدريجيًا من حلم قومي إلى مشروع ديني توراتي، بحيث أصبح اليهود القادمون من مختلف أنحاء العالم يجدون أنفسهم في القدس والحرم الإبراهيمي".