حمزة نمرة: الهواتف قرّبت المسافات الافتراضية لكنها باعدت القلوب الحقيقية

في زمنٍ أصبحت فيه الهواتف المحمولة جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية، حيث نتنقّل من مكالمة إلى رسالة، ومن إشعار إلى آخر، أطلق الفنان الكبير حمزة نمرة أمنية أثارت انتباه الجمهور وألهبت النقاشات على منصات التواصل الاجتماعي خلال استضافته في برنامج واحد من الناس مع الإعلامي عمرو الليثي، أعرب نمرة عن رغبته في أن يعيش العالم يومًا كاملًا بلا هواتف محمولة، حيث يعود الناس للتواصل المباشر ويعيشون اللحظة كما هي، دون وسائط أو شاشات.
أمنية بسيطة.. لكنها عميقة
قال حمزة نمرة في تصريحه اللافت: "أتمنى أن نحظى بيوم كامل من غير موبايل، نلتفت فيه لبعضنا البعض، ونعيش اللحظة بكل تفاصيلها".
هذه الأمنية البسيطة في ظاهرها تحمل في باطنها دعوة عميقة إلى مراجعة أنفسنا: كيف أصبح الهاتف المحمول، على الرغم من كونه وسيلة تواصل، سببًا في العزلة والانفصال الإنساني؟
التكنولوجيا.. بين النعمة والنقمة
لا أحد يستطيع إنكار فضل التكنولوجيا والهواتف الذكية في تسهيل الحياة وربط العالم ببعضه البعض. لكنها في الوقت ذاته، سلبت الناس من لحظات إنسانية خالصة، وحولت اللقاءات العائلية إلى جلسات صامتة كل فرد فيها منشغل بشاشته.
وهنا يأتي صوت حمزة نمرة ليعيد التوازن إلى النقاش، مؤكدًا أن الهاتف أداة عظيمة، لكن الإفراط في استخدامه يقتل spontaneity ويجعلنا غرباء حتى وسط أحبائنا.
الفن كمنبر إنساني
حمزة نمرة ليس مجرد فنان يقدم أغاني عابرة، بل لطالما قدّم رسائل تحمل معاني إنسانية عميقة. من الغربة والحنين، إلى الأمل والتغيير، وصولًا إلى رسالته الأخيرة حول قيمة الوقت والعلاقات الإنسانية، يؤكد نمرة أن الفن رسالة قبل أن يكون وسيلة للترفيه.
يوم بلا هواتف.. حلم أم إمكانية؟
قد يبدو اقتراح حمزة نمرة مثاليًا أو حتى خياليًا للبعض، لكن الفكرة في جوهرها ليست مستحيلة. فقد طبّقت بعض الدول والشركات مبادرات مثل "ساعة بلا هاتف" أو "يوم رقمي صحي"، وحققت نتائج إيجابية في تعزيز العلاقات وتقليل التوتر. فما الذي يمنع أن تتحول أمنية فنان محبوب مثل نمرة إلى حملة إنسانية عالمية؟
الأثر النفسي والاجتماعي للهواتف
دراسات علم النفس والاجتماع أظهرت أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية يرفع معدلات القلق، ويضعف التواصل الأسري، ويقلل من جودة النوم وحتى الإنتاجية. تصريح حمزة نمرة جاء ليعكس هذه الحقائق بطريقة فنية وبسيطة، تدعو الجمهور للتفكير دون تعقيد.
تفاعل الجمهور مع الفكرة
منذ إذاعة الحلقة، تفاعل الجمهور بشكل كبير مع تصريح نمرة، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد يرى أن الفكرة ضرورية لإنقاذ العلاقات الإنسانية، وبين ساخر يرى أن الحياة المعاصرة لا يمكن أن تسير بلا هاتف ولو ليوم واحد لكن الأهم أن الفكرة وصلت وأثارت النقاش، وهو الهدف الأساسي من أي رسالة فنية أو إنسانية.
هل الفن يستطيع إحداث تغيير؟
الفن لطالما كان مرآة للمجتمع، وأحيانًا محركًا للتغيير. وإذا كان المغني البريطاني الشهير بوب ديلان قد ألهم جيلًا كاملًا بأغانيه، فلماذا لا يستطيع حمزة نمرة أن يُلهم الناس بفكرة يوم بلا هواتف؟ قد يبدأ الأمر كتجربة فردية، ثم يتحول إلى عادة جماعية.
رسالة للأجيال القادمة
في ختام حديثه، بدا أن حمزة نمرة لا يخاطب جمهوره الحالي فقط، بل الأجيال القادمة أيضًا. الأطفال اليوم يولدون وفي أيديهم الشاشات، لكن ماذا عن لحظات اللعب الحقيقية؟ ماذا عن الضحك العفوي دون تصوير أو بث مباشر؟ هنا تكمن خطورة الاعتماد المفرط على الهواتف، وهنا تكمن أهمية الدعوة إلى التوازن.
أمنية حمزة نمرة بيوم بلا هواتف ليست مجرد حلم رومانسي لفنان حالم، بل هي دعوة صادقة لإعادة اكتشاف إنسانيتنا، ولنتذكر أن أجمل اللحظات تُعاش بالعين والقلب، لا بعدسات الكاميرا وشاشات الهواتف. قد لا نستطيع أن نعيش بلا هواتف للأبد، لكننا بالتأكيد نستطيع أن نمنح أنفسنا يوماً واحدًا نعود فيه إلى البساطة والدفء الإنساني.