حياتهم في خطر.. أزمة نقص دواء هايدروكسي يوريا تهدد مرضى الثلاسيميا بمطروح

يعاني أهالي مرضى أنيميا البحر المتوسط الثلاسيميا بمحافظة مطروح؛ من أزمة حادة في توافر دواء «هايدروكسي يوريا»، العلاج الأساسي والضروري للمرضى، ما يعرّض حياة الأطفال المصابين إلى مخاطر جسيمة ويضع ذويهم تحت ضغوط مالية ونفسية متزايدة.
أزمة نقص دواء هايدروكسي يوريا
ويُعد مرض أنيميا البحر المتوسط الثلاسيميا أحد أبرز الأمراض الوراثية المزمنة في مصر، وهو اضطراب جيني يصيب خلايا الدم الحمراء نتيجة خلل في تصنيع الهيموجلوبين، ما يؤدي إلى فقر دم مزمن ومضاعفات صحية تشمل شحوب الجلد، ضعف النمو، تضخم الطحال والقلب، إضافة إلى الحاجة المتكررة لنقل الدم أو الخضوع لعلاجات متقدمة مثل زرع الخلايا الجذعية.
ووفقًا لبيان وزارة الصحة والسكان الصادر في مايو 2024، بالتزامن مع اليوم العالمي لمرض الثلاسيميا، فقد تم اكتشاف 32 ألفًا و591 حالة إصابة بالمرض من خلال مبادرة رئيس الجمهورية لفحص المقبلين على الزواج، بنسبة بلغت 1.9% من إجمالي مليون و700 ألف شاب وفتاة تم فحصهم ضمن المبادرة.
الدواء غائب منذ 6 أشهر
وأوضح أيمن إبراهيم، والد طفلين مصابين بالثلاسيميا، أن غياب الدواء من منظومة التأمين الصحي منذ أكثر من ستة أشهر دفعه لشراء العلاج من الصيدليات الخاصة أو عبر معارف خارج المحافظة بأسعار مرتفعة وصلت إلى 400 جنيه للشريط الواحد، بعد أن كانت العلبة كاملة تباع بنحو 600 جنيه فقط.
وأضاف أن ابنه الأصغر 5 سنوات يتناول جرعة يومية مذابة، بينما يتناول ابنه الأكبر 11 عامًا كبسولة كاملة يوميًا، مشيرًا إلى أن الدواء يقلل من فترات الحاجة إلى نقل الدم من كل شهرين أو ثلاثة إلى مرة واحدة كل ستة أشهر، الأمر الذي يخفف من المضاعفات الخطيرة على الكبد والطحال والقلب.
وأردف بأن الأزمة لا تقتصر على مرضى الثلاسيميا فقط، بل تمتد إلى مرضى الأنيميا المنجلية الذين يعتمدون أيضًا على «هايدروكسي يوريا»، في ظل عدم وجود بديل معتمد داخل التأمين الصحي، مشيرًا إلى انتظار المرضى شهريًا لزيارة طبيبة أمراض دم من خارج المحافظة، في ظل غياب التخصصات الطبية الدقيقة بالمحافظة.
مخاوف من الغش الدوائي
من جانبه، قال المواطن علاء محمود، والد طفلة مصابة بالثلاسيميا، إنه يعاني من غياب الدواء، الذي كان يحصل عليه عبر هيئة التأمين الصحي أو من الجمعية التابعة لمستشفى أبو الريش بالقاهرة، إلا أنه لم يعد يجد منفذ بديل حاليًا لتوفيره.
وأشار إلى أن بعض الصيدليات تعرض الدواء خارج مظلة التأمين بأسعار مرتفعة، لكن دون ضمان لجودته أو مأمونيته، قائلًا: «أخشى شراءه من الخارج، لأنني جربت سابقًا نوعًا تسبب في تدهور حالة ابنتي، وحذرني الطبيب من الاعتماد على مصادر غير مضمونة خوفًا من وجود غش دوائي».
وشدد علاء على أن الوضع في مطروح يشهد بطئًا شديدًا في توريد الأدوية، رغم خطورة الحالات الصحية، مؤكدًا أن «هايدروكسي يوريا» هو العلاج الأساسي لمنع المضاعفات المرتبطة بالمرض، قائلًا: «أنا أعيش على أعصابي يوميًا خوفًا من نفاد الدواء، لأنه بالنسبة لابنتي مسألة حياة أو موت».
ويطالب أهالي المرضى وزارة الصحة وهيئة التأمين الصحي بسرعة التدخل لوضع حلول عاجلة لتوفير الدواء بشكل منتظم، حفاظًا على حياة الأطفال المصابين بأنيميا البحر المتوسط والأنيميا المنجلية، ولرفع المعاناة المستمرة عن أسرهم.
عدم الاستقرار في توافره بالسوق المصرية
وفي السياق ذاته، قال الدكتور علي عبد الله، مدير المركز المصري للدراسات الدوائية، إن عقار «هايدروكسي يوريا» يُستخدم في علاج العديد من الأمراض على رأسها بعض أنواع سرطان الدم، فضلًا عن دوره الحيوي في علاج أمراض الدم المزمنة مثل الثلاسيميا والأنيميا المنجلية.
وأوضح أن الدواء له تاريخيًا من عدم الاستقرار في توافره بالسوق المصرية، حيث يظهر لفترات محدودة ثم يختفي، مشيرًا إلى أنه كان يُصرف في وقت سابق على نفقة الدولة أو يتوافر بالصيدليات تحت اسم «هايدرا» بأسعار زهيدة، قبل أن يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار خلال السنوات الأخيرة.
وأكد عبد الله أن الأزمة الحالية تتطلب تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية لضمان استمرار إمدادات الدواء، خاصة وأنه يمثل خط العلاج الأول لهؤلاء المرضى ولا يوجد له بديل فعّال في المنظومة العلاجية الحالية.