تكاتف عربي وتونس خارج المشهد.. الاعتراف بفلسطين خارج حسابات بن سعيد

في خطوة أثارت الكثير من الجدل تغيب الرئيس التونسي عن حضور القمة العربية الإسلامية الطارئة التي تعقد اليوم في العاصمة القطرية الدوحة، وتأتي هذه القمة التي دعي إليها قادة الدول العربية والإسلامية بهدف البحث في الرد على الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية، وخصوصًا بعد الهجوم على مقرات قيادات حركة حماس داخل الأراضي القطرية.
أثار غياب تونس عن هذا الحدث الهام تساؤلات حول موقفها الدبلوماسي، خصوصًا أن القمة تشهد مناقشات حاسمة حول القضية الفلسطينية، التي لطالما كانت أولوية أساسية في السياسة الخارجية التونسية، وقد جاء هذا الغياب في الوقت الذي كانت فيه تونس من أبرز الدول التي تحتضن المنظمات الفلسطينية وتدعم حقوق الفلسطينيين.
تغيب تونس عن الجلسة الأممية الخاصة بفلسطين
لم تقتصر غيابات تونس على القمة العربية الإسلامية فقط، بل أيضا تغيب عن الجلسة الأممية التي عقدت الأسبوع الماضي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية، حيث اعتمدت الجمعية العامة مشروع قرار يدعم حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
على الرغم من أن تونس لطالما كانت من أشد الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني، تغيب وفدها عن التصويت في هذه الجلسة المصيرية، مما أثار موجة من الانتقادات السياسية والإعلامية في البلاد.
تساؤلات حول موقف تونس الدبلوماسي
غابت تونس عن الجلسة الأممية وهي التي كانت تعد في طليعة الدول العربية التي تسعى لإقرار الحقوق الفلسطينية على الساحة الدولية، واعتبر العديد من الخبراء والمراقبين أن هذا الغياب يعكس تغييرًا ما في سياسة تونس الخارجية، فقد كتب عبد الوهاب الهاني، الخبير الأممي ورئيس حزب المجد، في حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي: "هذا الغياب في تصويت مصيري في الجمعية العامة حول الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة سيبقى وصمة في جبين الدبلوماسية التونسية، تونس التي احتضنت الثورة الفلسطينية، لا يمكن أن تغيب عن هذه المعركة الدبلوماسية".
موقف تونس الثابت من القضية الفلسطينية
ورغم الغيابات المثيرة للجدل، أكدت البرلمانية سيربن مرابط على أن تونس ما زالت متمسكة بموقف شعبها الثابت من القضية الفلسطينية، حيث قالت: "تونس تكتب التاريخ كعادتها في موقفها من القضية الفلسطينية، تونس لا تعترف بالكيان الصهيوني كدولة وتقولها اليوم أمام العالم، لدينا شرف المواقف سياسيًا ودبلوماسيًا في دعم فلسطين".
وأوضحت مرابط في تصريحاتها أنها تعتبر موقف تونس في القمة الأممية ليس تراجعًا عن سياساتها الثابتة، بل مجرد تسوية لتوازنات سياسية داخلية وخارجية، وقالت: "تونس تتمسك بموقفها الثابت في دعم حق الفلسطينيين في استرجاع كامل أراضيهم، ولن تتراجع عن دعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
ما الذي يفسر غياب تونس عن القمة؟
فيما يرى البعض أن غياب تونس عن الجلسة الأممية والقمة العربية الإسلامية ليس إلا جزءً من توجهات دبلوماسية جديدة قد تكون مرتبطة بالظروف الداخلية أو بالضغوطات الإقليمية، فقد سبق وأن تحفظت تونس على بعض النقاط المتعلقة بـ حل الدولتين في بيان القمة العربية في المنامة العام الماضي، وخاصة فيما يتعلق بـ حدود 1967، ما يعكس نوعًا من التوتر في العلاقات مع بعض القوى الإقليمية والدولية.
هل يشكل الغياب التونسي تراجعًا عن الدعم التقليدي لفلسطين؟
التغيب المتكرر لتونس عن الفعاليات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، سواء على مستوى الأمم المتحدة أو القمة العربية الإسلامية، يثير مخاوف من أن تونس قد تتبنى سياسة جديدة أقل دعمًا للفلسطينيين مقارنة بما كان عليه الحال في السابق، وفي ضوء هذه التطورات، يبقى التساؤل قائمًا حول ما إذا كان هذا الغياب يمثل تراجعًا دبلوماسيًا عن الالتزام التونسي التقليدي بقضية فلسطين، أم أنه مجرد تسوية تكتيكية ضمن سياقات سياسية جديدة.