أزمة الاقتصاد الأمريكي.. جذور تاريخية وتداعيات معاصرة

أكد الدكتور أيمن غنيم، أستاذ إدارة الأعمال، أن الاقتصاد الأمريكي يواجه أزمة هيكلية عميقة ممتدة منذ سنوات، تعود جذورها إلى خسارة الولايات المتحدة معركة الإنتاجية لصالح الصين.
أزمة الاقتصاد الأمريكي
وأوضح أن بكين استطاعت أن تتحول إلى "مصنع العالم" بفضل قدرتها التنافسية العالية، مما انعكس على صادراتها التي تحقق فائضًا يقترب من تريليون دولار سنويًا ،في المقابل، تعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري موازٍ، وهو ما يمثل أحد أبرز التحديات التي ترهق الاقتصاد الأمريكي.
عجز تجاري ودين عام متفاقم
أضاف غنيم، في مداخلة هاتفية مع قناة "إكسترا نيوز"، أن تراكم هذا العجز أسهم بشكل مباشر في ارتفاع الدين العام الأمريكي إلى نحو 37 تريليون دولار، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ الاقتصادي للولايات المتحدة ،وأشار إلى أن خدمة الدين وحدها تجاوزت 1.1 تريليون دولار خلال عام 2024، وهو ما يشكل عبئًا ضخمًا على الموازنة الفيدرالية ويقيد قدرة الحكومة على توجيه الإنفاق إلى قطاعات أخرى كالبنية التحتية والتعليم والابتكار.
السياسات الجمركية وردود الفعل الدولية
وأشار أستاذ إدارة الأعمال إلى أن الإدارة الأمريكية، في محاولة للسيطرة على العجز وتقليص الفجوة التجارية، لجأت إلى فرض رسوم جمركية مشددة على عدد من الشركاء التجاريين. غير أن هذه السياسات لم تنجح في معالجة جذور الأزمة المتمثلة في تراجع القدرة الإنتاجية والتنافسية الأمريكية، بل أسفرت عن ردود فعل مماثلة من الدول الأخرى ، هذه الردود انعكست سلبًا على الصادرات الأمريكية، وزادت من الضغوط على قطاع الصناعة والتكنولوجيا داخل الولايات المتحدة.
تراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين
وأكد غنيم أن مؤشرات ثقة المستثمرين والمستهلكين في السوق الأمريكي شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، وهو ما انعكس بدوره على معدلات النمو الاقتصادي ، ففي النصف الأول من عام 2025، لم يتجاوز معدل النمو 1.2%، أي نصف معدل النمو تقريبًا الذي تحقق في الفترة نفسها من عام 2024 ، هذا التباطؤ يعكس حالة من الحذر والقلق تسيطر على الأسواق، وسط غياب رؤية اقتصادية واضحة تعيد التوازن.
المشهد الضبابي ودور الاحتياطي الفيدرالي
واعتبر غنيم أن السياسات النقدية التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي، وعلى رأسها رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، غير قادرة وحدها على إنقاذ الاقتصاد من أزمته الهيكلية ، وأكد أن المشهد الحالي معقد وضبابي، حيث يسود الترقب الأسواق انتظارًا لقرارات الاجتماع المقبل للفيدرالي، وسط جدل واسع حول مدى فاعلية هذه الإجراءات في ظل استمرار التحديات الإنتاجية والتجارية.
مستقبل الاقتصاد الأمريكي بين التحديات والإصلاح
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن مستقبل الاقتصاد الأمريكي مرهون بقدرة واشنطن على إعادة بناء قوتها الإنتاجية وتبني استراتيجيات طويلة المدى تركز على الاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجيا والتعليم ، فالمعالجة السطحية عبر الرسوم الجمركية أو الإجراءات النقدية المؤقتة لن تكفي وحدها لمواجهة الأزمة، بل إن المطلوب هو إصلاحات هيكلية شاملة تعيد التوازن وتمنح الاقتصاد الأمريكي القدرة على المنافسة مجددًا في الساحة الدولية.