عاجل

خلق الشكر.. ما المقصود بقوله تعالى: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ»؟

من معاني القرآن
من معاني القرآن

قال سبحانه وتعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[لقمان: 14]، فما هو المراد بالآية وما أهمية خلق الشكر في الإسلام؟

تفسير الآية 14 من سورة لقمان.. لماذا نشكر الوالدين؟

ذكر الإمام ابن كثير في تفسير الآية: قال هاهنا (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن). قال مجاهد: مشقة وهن الولد. وقال قتادة : جهدا على جهد. وقال عطاء الخراساني: ضعفا على ضعف. وقوله : (وفصاله في عامين) أي : تربيته وإرضاعه بعد وضعه في عامين، كما قال تعالى : (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) [ البقرة : 233 ] .

وتابع: من هاهنا استنبط ابن عباس وغيره من الأئمة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر; لأنه قال تعالى في الآية الأخرى : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15].

وإنما يذكر تعالى تربية الوالدة وتعبها ومشقتها في سهرها ليلا ونهارا، ليذكر الولد بإحسانها المتقدم إليه، كما قال تعالى: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) [ الإسراء : 24 ] ; ولهذا قال : (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) أي : فإني سأجزيك على ذلك أوفر الجزاء .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبد الله بن أبي شيبة ، ومحمود بن غيلان قالا حدثنا عبيد الله ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال : قدم علينا معاذ بن جبل ، وكان بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إني [ رسول ] رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تطيعوني لا آلوكم خيرا ، وأن المصير إلى الله ، وإلى الجنة أو إلى النار ، إقامة فلا ظعن ، وخلود فلا موت .

أهمية الشكر في الإسلام

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء: في هذه الآية إشارة إلى شكر كل من له فضل على المسلم وقدَّم له معروفًا؛ فإن الوالدين استحقا الشكر لأنهما تفضلا على الابن بأعظم المعروف وهو حمايته وحفظ حياته حتى عقل، ولذلك قرن الله شكرهما بشكره سبحانه وتعالى.

وتابع علي جمعة في بيانه أما ما ورد في السنة فهو كثير، نذكر منه مثلًا:

- ما رواه أحمد من حديث الأشعث بن قيس مرفوعًا مثل حديث أبي هريرة، ورواه أيضًا بلفظ آخر: «إن أشكر الناس لله تعالى أشكرهم للناس».

- وعن السيدة عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «من أُتي إليه معروف فليكافئ به، فإن لم يستطع فليذكره، فمن ذكره فقد شكره» (رواه أحمد).

وفي حديث آخر: الأمر بالمكافأة «فإن لم يستطع فليدع له» (رواه أبو داود وغيره).

- وعن أسامة مرفوعًا: «من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء» (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب).

- وعن جابر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «من أبلى بلاء فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره» (رواه أبو داود).

- وعن النعمان مرفوعًا: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل، والتحدث بنعمة الله عز وجل شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب» (رواه أحمد).

- وعن أنس قال: «إن المهاجرين قالوا: يا رسول الله، ذهبت الأنصار بالأجر كله. قال: لا، ما دعوتم الله عز وجل لهم وأثنيتم عليهم» (رواه أبو داود والترمذي).

ففي هذه النصوص الشرعية الدليل الواضح على أن الإسلام اعتنى بحسن المعاملة ودعا إليها بالقول والفعل، ليضرب المسلمون في مجتمعاتهم، التي تُبنى على هذا الخلق العظيم، أروع المثل في التأسي بهم، ويكون لهذا أثر كبير في بلوغ دعوة الله إلى العالمين.

واختتم: هذا عرض موجز لما في شرع الله من الحث على هذا الخلق العظيم، الذي به تزيد المحبة بين الناس ويصل المجتمع إلى النضوج البشري المنشود. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الشاكرين، ويشكر لنا أعمالنا، إنه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تم نسخ الرابط