سبتمبر وحّد القصتين على طريق التعافي..
وجهان لمعركة واحدة.. وائل غنيم وبوجي يبدآن حياة جديدة بلا إدمان

بدأ سبتمبر هذا العام وكأنه موسم ولادة أخرى لوجوه عرفها المصريون في محطات مختلفة من حياتهم، حيث أعلن كل من الناشط المعروف وائل غنيم، والشاب محمد سمير الشهير بـ"بوجي" الذي باع كليته مقابل المخدرات، قرارًا مشتركًا بدا صادمًا للبعض ومُلهمًا للكثيرين: “التعافي”
القصتان مختلفتان تمامًا؛ الأولى تروي مأساة الانغماس في ضجيج السياسة والثورة وإلإدمان، والثانية تكشف قاعًا مظلمًا قاد صاحبه إلى بيع جزء من جسده مقابل جرعة سم، لكنهما، على تباعد المسافات بينهما، التقيا عند مفترق واحد: إرادة الحياة حين تنتصر على الخراب الداخلي.

يرصد لكم نيوز رووم في التقرير التالي الفصل الجديد لقصة تحرر وائل غنيم وبوجي من أسر الإدمان
وائل غنيم.. التحول من ضجيج الثورة والإدمان إلى سكون التوبة
منذ سنوات، ارتبط اسم وائل غنيم في ذاكرة المصريين بلحظات ثورة يناير، وصوته الذي دوى عبر منصات التواصل قيدّه الإدمان أربعة عشر عامًا، وفي 3 سبتمبر الجاري، أعلن تحرره منه، وخرج برسائل مؤثرة فيها تفاصيل توبته، مؤكدًا نجاحه في حفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم وابتعاده التام عن المخدرات والمكيفات.

إعلان التوبة وحفظ القرآن
في منشور مؤثر عبر حسابه الرسمي على "الفيس بوك"، قال غنيم: "السلام عليكم ورحمة الله، أبشركم بأن الله سبحانه وتعالى قد يسَّر لي حفظ عشرة أجزاء من كتابه الكريم، أسأل الله أن يتم علي نعمة ختم القرآن وأن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم وأن يجزي كل من أعانني في الحفظ والمراجعة وأن يجمعني بأهلي عاجلا غير آجل وأن يتقبل توبتي ويعينني ويعينكم على إصلاح النفس ورد الحقوق والوفاء بالواجبات وقضاء الديون وخدمة الدين والوطن".
كما كشف عن تركه التام تعاطي كافة أنواع المخدرات، والتزامه بالصلوات وممارسة الرياضة، موضحًا: "وأطمئنكم والحمد لله أنه قد مضت ستة أشهر على انقطاعي التام عن كل أنواع المخدرات والمكيفات والعقاقير الدوائية باختلاف أنواعها بعد رحلة صعبة استمرت 14 عامًا من دخول هذا العالم، أسأل الله الثبات والهداية لنفسي ولكل مبتلى، وبفضل الله وحده أجتهد في المواظبة على الصلوات الخمس في المسجد وملازمة الذكر والرياضة والقراءة والاطلاع والسعي للرزق وصحبة من أحسبهم من الصالحين والبعد عن كل ما يضيع الوقت بلا فائدة دنيوية أو دينية”.

وتابع: "جزى الله خيرا كل من قدّر ابتلائي ووقف بجانبي في محنتي وأعانني على شر نفسي وأسأل الله أن يبارك في كل من دعا لي أو تمنى لي الخير أو سامحني حبا لله".
بوجي.. من قاع الإدمان إلى أول خطوة على الطريق
على الجانب الآخر، يروي محمد سمير "بوجي" قصة أشد قسوة وأكثر مباشرة، شاب وقع فريسة للمخدرات حتى أفقدته إنسانيته، وألقته إلى هاوية بيع كليته مقابل ثمن زهيد من أجل "جرعة". في لحظة انكسار كاملة، جسّد بوجي أقصى درجات السقوط الإنساني، حيث يتحول الجسد نفسه إلى سلعة في سوق الإدمان. لكن الشاب عاد ليفاجئ الجميع باعتراف مختلف هذه المرة: أنه قرر التعافي والبدء من جديد.
وبكلمات صادقة أعلن بوجي أنه اختار المواجهة بدلًا من الاستسلام، والوقوف على قدميه رغم ندبة جسدية لا تزول، ليقول للعالم إن "الإنسان يمكن أن يُبعث من جديد حتى بعد أن يخسر جزءًا من جسده".

ومؤخرًا أثار محمد مسعود رزق الشهير بـ"بوجي" جدلًا واسعًا بعد ظهوره في فيديو جديد عبر حسابه الشخصي على "فيس بوك"، رفض فيه عروض بعض المطاعم التي حاولت استغلال قصته المأساوية لتحقيق مشاهدات رخيصة.
وقال بوجي في الفيديو: "كلامي للناس بتوع المطاعم اللي كلموني وعاوزين يعملوا معايا شو.. يستضيفوني عندهم ويحطوا قدامي صينية أكل كبيرة ويقولوا لي كُل ويصوروني.. أحب أقولكم إن التريند بتاعي نضيف جدًا وخد ناس كتيرة جدًا".
وأضاف: "مش عاوز أنزل بالمستوى الدنيء اللي عاوزين تحطوني فيه.. وبعدين صينية أمي أكبر من الصواني بتاعتكم".
سبتمبر.. شهر الانتصار على النفس
أن يتزامن إعلان وائل غنيم وبوجي للتعافي في الشهر نفسه ليس مجرد صدفة زمنية، فقد بدا الأمر وكأنه رسالة أعمق محتواها أن التعافي قرار يمكن أن يخرج من أفواه شخصيات في قمة التناقض، من ناشط تاه في زحام السياسة إلى محترق في نار المخدرات، ومن شاب بسيط باع كليته من أجل الجرعة إلى سيّد قراره.

في النهاية، كلاهما أدرك أن أخطر المعارك تقع مع الذات، وأن النصر الحقيقي لا يُقاس بعدد المتابعين ولا الأموال ولا الشعارات وإنما بلحظة صدق يعلن فيها الإنسان أنه بدأ يشفى.