عاجل

14 عامًا بين الإدمان والتوبة.. القصة الكاملة لتحولات وائل غنيم

وائل غنيم قبل وبعد
وائل غنيم قبل وبعد التوبة

شهدت الآونة الأخيرة تحولًا لافتًا في حياة الناشط السياسي وائل غنيم، أحد أبرز رموز ثورة 25 يناير، بعدما خرج برسائل مؤثرة أعلن فيها تفاصيل توبته عقب أربعة عشر عامًا من الإدمان، مؤكدًا نجاحه في حفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم وابتعاده التام عن المخدرات والمكيفات.

يعرض لكم "نيوز رووم" في التقرير التالي القصة الكاملة لمسيرة وائل غنيم من ميادين الثورة إلى ساحات التوبة

إعلان التوبة وحفظ القرآن

في منشور مؤثر عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، قال غنيم: "‏السلام عليكم ورحمة الله، أبشركم بأن الله سبحانه وتعالى قد يسَّر لي حفظ عشرة أجزاء من كتابه الكريم، أسأل الله أن يتم علي نعمة ختم القرآن وأن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم وأن يجزي كل من أعانني في الحفظ والمراجعة وأن يجمعني بأهلي عاجلا غير آجل وأن يتقبل توبتي ويعينني ويعينكم على إصلاح النفس ورد الحقوق والوفاء بالواجبات وقضاء الديون وخدمة الدين والوطن". 

كما كشف عن تركه التام تعاطي كافة أنواع المخدرات، والتزامه بالصلوات وممارسة الرياضة، موضحًا: "وأطمئنكم والحمد لله أنه قد مضت ستة أشهر على انقطاعي التام عن كل أنواع المخدرات والمكيفات والعقاقير الدوائية باختلاف أنواعها بعد رحلة صعبة استمرت ١٤ عاما من دخول هذا العالم، أسأل الله الثبات والهداية لنفسي ولكل مبتلى، وبفضل الله وحده أجتهد في المواظبة على الصلوات الخمس في المسجد وملازمة الذكر والرياضة والقراءة والاطلاع والسعي للرزق وصحبة من أحسبهم من الصالحين والبعد عن كل ما يضيع الوقت بلا فائدة دنيوية أو دينية”. 

وتابع: "جزى الله خيرا كل من قدّر ابتلائي ووقف بجانبي في محنتي وأعانني على شر نفسي وأسأل الله أن يبارك في كل من دعا لي أو تمنى لي الخير أو سامحني حبا لله".

الإفتاء: لا يأس من رحمة الله

ردًا على تساؤلات مشابهة، أكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن التوبة تُقبل ما دام الإنسان حيًا، مستشهدًا بقوله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا".

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن من ارتكب ذنبًا فعليه أن يتوب ويستغفر، وإذا عاد للذنب فعليه أن يجدد التوبة والاستغفار، مؤكدًا أنه لا يأس من رحمة الله، وأن المهم أن يلقى الإنسان ربَّه وهو على توبة.

أزمات قانونية واعتذار علني

لم تكن رحلة غنيم الأخيرة بعيدة عن الأزمات، إذ واجه قضية قضائية مع المستشار تركي آل الشيخ، انتهت بحكم بالحبس ستة أشهر مع الكفالة، على خلفية تدوينات مسيئة كتبها تحت تأثير الإدمان.

لاحقًا، خرج غنيم باعتذار علني، مؤكدًا ندمه، وطلب العفو والصفح والدعاء حيث قال: “‏بسم الله الرحمن الرحيم، ‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ‏أعود مجددا بعد انقطاع خمسة أشهر من وسائل التواصل الاجتماعي قضيتها في عزلة لمحاسبة النفس وإصلاحها. أبدأ رسالتي الأولى بتوجيه اعتذار إلى أخي المستشار تركي آل الشيخ حفظه الله ووفقه لما فيه الخير على ما كان مني من سوء خلق تجاه شخصه الكريم عبر تغريدات مسيئة كتبتها في العام الماضي بينما كنت فاقدا للسيطرة على نفسي إثر تعاطي المواد المخدرة والانسياق وراء خطوات الشيطان”.

وتابع: “‏كما أعتذر من قلبي لكل من توجهت لهم بأي إساءة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، لهم أو لمن يحبون، أو خدشت حياءهم بسوء صنيعي، وأرجو الله أن يسامحني ويعينني على تهذيب نفسي وتأديبها فلا أعود لذلك أبدا، وأرجو العفو الكريم والصفح الجميل ممن اتسعت صدورهم لذلك فهو خير مُعين لي في رحلتي، والدعاء لي بحسن الخُلُق وحسن الخاتمة”.

وأكد: “‏عقدت العزم في بداية العام على التعافي النهائي مما أنا فيه وبفضل من الله مضت ثلاثة أشهر على امتناعي التام عن تعاطي المواد المخدرة والتدخين بكل أنواعه وشرب الكحوليات وتناول أي أدوية كالمهدئات والمحفزات، والابتعاد عن الغيبة والنميمة والسب والشتم والجهر بالمعاصي. أسأل الله كما كان فجوري في العلن أن تكون توبتي العلنية نصوحة لوجهه الكريم أكفر بها عن أخطائي وأن يثبتني ويربط على قلبي ويعينني على علاج آثار ما اقترفته من سلوكيات مشينة أمام الجميع”.

وأردف: "‏يعلم الله أنني ندمت أشد الندم على ما كان مني خلال العام الماضي، وسأجاهد فيما هو قادم أن ألتزم بالآداب والمعايير التي حث عليها ديننا الحنيف في تواصلي مع الشأن العام عبر منصات التواصل الاجتماعي. رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"، وأعترف أنني كنت طعانا ولعانا وفاحشا وبذيئا. اللهم توبة".

وأضاف: “‏ظلمت نفسي، وأهلي، ووطني، وديني، والكثير من الناس حتى من أحبهم ويحبونني، ووقعت في انتكاسة شيطانية لم أكن يوما أتخيل الوقوع فيها، واليوم أعود وأجدد عهدي مع الله عز وجل بحسن التوكل عليه والصبر الجميل على ما كان من نتاج ما اقترفته، والسعي الحثيث لإعادة الحقوق لكل من له حق في ذمتي قبل أن ألقى ربي، ‏في قلبي محبة لله وحب للخير لكل الناس، وفي نفسي حسن ظن بعفو الله ولطفه رغم كل الوساوس والجزع، وفي صدري دعاء وتوسل بصبر جميل لعل الله أن يحدث بعد ذلك أمرا”.

واختتم: "‏إلى أهلي في مصر، الله يجمعني بكم وبأبي وأمي على خير، ‏إلى أهلي في السعودية، أُشهد الله أني أحبكم فيه وأسأله أن يكتب لي زيارة بيته الحرام ومسجد نبيه الكريم، ‏إلى كل من يحبني ويلتمس لي الأعذار، عفا الله عني وعنكم، ومحبتكم مسؤولية أرجو من الله أن يعينني على الوفاء بها، ولا تنسوني من صالح دعائكم، ‏"يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ‏وسبحوه بكرة وأصيلا ‏هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما ‏تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما"، ‏"إن الله لا يغيّرُ ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ‏والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

حكم المحكمة ضد وائل غنيم

وجاء ذلك بعد معاقبة المحكمة الاقتصادية الناشط السياسي وائل غنيم بالحبس 6 أشهر وكفالة 1000 جنيه لإيقاف العقوبة مؤقتًا وتعويض 120 ألف جنيه بتهمة سب المستشار تركي آل الشيخ.

وتقدم دفاع المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية، بدعوى قضائية أمام محكمة الجنح الاقتصادية بالقاهرة، ضد الناشط وائل غنيم، طالب فيها بتوقيع أقصى عقوبة عليه وإلزامه بدفع تعويض مدني مؤقت قدره 200001 جنيه، وذلك على خلفية اتهامه بالسب والقذف عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقًا للدعوى، التي حملت رقم 832 لسنة 2025، فإن "غنيم" نشر على منصة إكس في 12 أكتوبر 2024 منشورًا تضمن ألفاظًا اعتبرها آل الشيخ مسيئة لشرفه واعتباره، إلى جانب تعمده مضايقته وإزعاجه باستخدام وسائل الاتصالات.

عزلة ومراجعة الذات

كشف غنيم أنه قضى خمسة أشهر في عزلة تامة لمحاسبة نفسه، بعيدًا عن الأضواء، ليخرج بعدها برسائل روحانية، غلبت عليها مفردات التوبة والمكاشفة، بدلًا من الخطاب السياسي الحاد الذي عُرف به لسنوات.

من الثورة إلى هارفارد

برز اسم وائل غنيم في ثورة 25 يناير كأحد وجوهها البارزة، قبل أن يغادر إلى الولايات المتحدة عام 2013، حيث عمل في جامعة هارفارد، وأسس شركته "بارليو" التي استحوذت عليها لاحقًا شركة "كورا" العالمية.

ظهور مثير للجدل في 2019

عاد غنيم إلى المشهد عام 2019 بمقاطع فيديو مثيرة للجدل، ظهر خلالها حليق الرأس والحاجبين، يتحدث بانفعال عن السلام والتسامح، ما أثار صدمة المتابعين، وفتح بابًا للتساؤل حول حالته النفسية.

سنوات الاكتئاب والإدمان

لم يُخف غنيم معاناته من الاكتئاب والتفكير في الانتحار، وظهر في فيديوهات يدخن الماريجوانا، معترفًا بخسارته لأسرته وزواجه. كتب حينها: "أنا كنت مكتئب وبافكر في الانتحار... بطلوا تقنيط الناس من رحمة ربنا".

عودة بخطاب جديد

اليوم، يطل غنيم بخطاب مختلف تمامًا، قوامه التوبة والالتزام الديني، متعهدًا برد الحقوق وخدمة الوطن، وداعيًا جمهوره إلى الدعاء له بالثبات، ومؤكدًا أن رحلته الجديدة "توبة علنية" لتعويض سنوات الضياع.

تم نسخ الرابط