خبراء: التكنولوجيا المالية في مصر بوابة الابتكار والمستقبل الرقمي

تشهد مصر خلال السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في مجال التكنولوجيا المالية (FinTech)، حيث أصبحت واحدة من أسرع القطاعات نموًا في السوق المحلي، مدفوعة بجهود حكومية تهدف إلى تعزيز الشمول المالي وتشجيع الابتكار.
وتُعد مبادرات إنشاء مراكز تشجيع الابتكار وحاضنات الشركات الناشئة من أبرز الأدوات التي تدعم هذا التحول، خاصة مع دخول لاعبين جدد من رواد الأعمال والمستثمرين في هذا القطاع الواعد.
ومع زيادة اعتماد المواطنين على المدفوعات الرقمية، وتوسع البنوك في التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية، تبرز أسئلة مهمة حول مستقبل هذا القطاع وكيفية استدامة نموه، وهو ما حاول خبراء الاقتصاد والمصرفيون الإجابة عنه.
أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن التكنولوجيا المالية أصبحت محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، ليس فقط عبر دعم الشمول المالي، وإنما أيضًا من خلال توفير حلول مبتكرة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تفتقر غالبًا إلى التمويل التقليدي.
وأشاروا إلى في تصريحات خاصة لموقع «نيوز رووم» ، أن مراكز الابتكار التي أُنشئت بدعم من البنك المركزي المصري والهيئات التنظيمية تمثل منصة رئيسية لاحتضان الأفكار الجديدة وتحويلها إلى شركات ناشئة قادرة على المنافسة محليًا وإقليميًا.
كما أوضحوا أن الاستثمار في التكنولوجيا المالية يساهم في تقليل التكاليف التشغيلية للبنوك والمؤسسات المالية، ما يجعل الخدمات المصرفية أكثر كفاءة وأوسع انتشارًا بين مختلف شرائح المجتمع.
مراكز الابتكار.. رهان مصر على دعم الشركات الناشئة
وفي سياق متصل يرى ماجد فهي، الخبير المصرفي، أن التحول نحو التكنولوجيا المالية في مصر يمثل نقلة نوعية، خاصة في ظل الدعم الحكومي لتوسيع قاعدة المتعاملين مع النظام المالي الرسمي مشيرا أن مراكز الابتكار لعبت دورًا محوريًا في خلق بيئة خصبة لريادة الأعمال.
وأضاف أن السوق المصري يتمتع بفرص واعدة في مجال حلول الدفع الإلكتروني والمحافظ الذكية، نظرًا لارتفاع معدلات استخدام الهواتف المحمولة بين الشباب، ما يفتح المجال لابتكارات جديدة تخدم ملايين المستخدمين.
وأكد فهي أن نجاح التكنولوجيا المالية يعتمد على بناء الثقة بين العملاء والشركات الناشئة، وهو ما يتطلب التزامًا صارمًا بمعايير الأمن السيبراني وحماية البيانات، حتى يطمئن المستخدمون للتعامل مع هذه المنصات.
أما وليد ناجي، الخبير المصرفي، فأكد أن التكامل بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية هو العنصر الأهم في المرحلة الحالية لافتا أن البنوك تمتلك البنية التحتية والثقة التنظيمية، بينما تمتلك شركات التكنولوجيا المرونة والابتكار، والتعاون بين الطرفين يخلق قيمة مضافة للسوق.
وأشار ناجي إلى أن مصر تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات في التدريب وبناء القدرات البشرية داخل قطاع التكنولوجيا المالية، لأن العنصر البشري يظل حجر الأساس في ضمان استمرارية التطور.
وأوضح أن نجاح التجربة المصرية في التكنولوجيا المالية يمكن أن يجعل من مصر مركزًا إقليميًا للابتكار في إفريقيا والشرق الأوسط، إذا ما استمرت الدولة في سياساتها الداعمة للشركات الناشئة والتمويل الرقمي.
بالأرقام.. مشهد التكنولوجيا المالية في مصر والإقليم
وفقًا لبيانات رسمية حديثة، ارتفع عدد شركات التكنولوجيا المالية الناشئة في مصر من نحو 32 شركة عام 2017 إلى أكثر من 160 شركة عام 2025، تعمل في مجالات متنوعة مثل المدفوعات الرقمية، الإقراض عبر الإنترنت، وحلول إدارة الثروات.
كما أظهرت التقارير أن حجم الاستثمارات الموجهة للقطاع تجاوز 800 مليون دولار خلال آخر خمس سنوات، مع تزايد اهتمام صناديق رأس المال المخاطر بتمويل الابتكارات الجديدة.
وبحسب البنك المركزي المصري، فإن نسبة استخدام المدفوعات الإلكترونية ارتفعت لتتجاوز 70% من إجمالي المعاملات اليومية في بعض القطاعات، ما يعكس التحول السريع نحو مجتمع أقل اعتمادًا على النقد.
وعلى المستوى الإقليمي، تُصنَّف مصر ضمن أكبر ثلاثة أسواق للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وإفريقيا، إلى جانب الإمارات والسعودية. فبينما تحتل الإمارات الصدارة من حيث حجم الاستثمارات، تتقدم مصر من حيث عدد الشركات الناشئة وسرعة انتشار الحلول الرقمية، مما يعزز مكانتها كمركز إقليمي واعد للابتكار الرقمي.