مظهر شاهين يرد على خالد منتصر: صلاة الخسوف للشكر لا الخوف

كتب الدكتور خالد منتصر معلقًا على دعوة وزارة الأوقاف لصلاة الخسوف، معتبرًا أن العلم قد حسم الأمر وأثبت أنه لا خطورة في هذه الظاهرة، وأنه لا داعي لصلاة ارتبطت عند البعض بالخوف. وهنا يقتضي الإنصاف أن نوضح الأمر في سياقه الصحيح، بعيدًا عن أي تعارض موهوم بين الدين والعلم.
الخسوف بين التفسير العلمي والواجب الشرعي
وقال الدكتور مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم، إن العلم بيّن لنا بدقة مواعيد الخسوف والكسوف وخصائصهما، وهذا في ذاته يوافق ما أرشد إليه الشرع من التأمل في آيات الكون. لكن الصلاة في هذه المناسبات لم تُشرع لأنها ظواهر مجهولة أو مخيفة نحتاج إلى تفسيرها، وإنما لأنها أحداث كونية جليلة تُذكّر المؤمن بقدرة الله ونظام هذا الكون البديع. فهي صلاة شكر وخشوع، وليست صلاة خوف من المجهول.
والرسالة هنا أن الدين يدعو الناس إلى الارتباط بخالق الكون عند وقوع هذه الآيات، تمامًا كما نتوجه إليه في المطر، أو عند سماع الرعد، أو في مواسم تغيّر الأحوال. لا أحد يقول إن الرعد اليوم مجهول سببه، أو أن المطر أمر مخيف يحتاج إلى طمأنة، ومع ذلك يبقى الدعاء والصلاة في هذه المناسبات تعبيرًا عن الوجدان الإيماني واستحضارًا لعظمة الخالق.
وتابع: العلم يشرح لنا الكيفية، والدين يربطنا بالغاية. فالعلم يبين لنا متى وكيف يحدث الخسوف، أما الدين فيذكّرنا أن وراء هذا النظام خالقًا مدبّرًا يستحق أن نقف بين يديه خاشعين. ومن ثم فلا وجه للتعارض بين العلم والدين هنا، بل هما جناحان يكمل بعضهما بعضًا: العلم يكشف، والدين يوجّه.
ولفت إلى أن صلاة الخسوف والكسوف قبل أن تكون مرتبطة بالخوف أو الجهل العلمي، فهي مرتبطة أولًا وأخيرًا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به. فنحن نصلّيها لأن النبي صلّاها وأمر بها، سواء عرفنا الأسباب الفلكية أم لم نعرفها. فالحرص على الامتثال للسنة دليل على صدق الإيمان، والإسلام في جوهره يعني الانقياد لأمر الله ورسوله، لا لاعتبارات عقلية أو تفسيرات بشرية فقط.
وشدد: لا ينبغي أن يتحول كل ما هو إسلامي إلى مادة للنقد أو التقليل بحجة أن العلم قد كشف خبايا الظواهر الطبيعية. فالعلم يزيدنا يقينًا ولا ينفي حاجتنا إلى العبادة، ونحن أمة مسلمة ودولة مسلمة نعتز بديننا ونمارس شعائره كما أمرنا الله ورسوله، بعيدًا عن محاولات تصويرها كأنها رجعية أو في تعارض مع العلم. بل على العكس، هي تعبير عن هويتنا وانتمائنا، وجسر يربط بين العقل المؤمن والعلم المكتشف.