أمانة عظيمة| أبواليزيد سلامة: المنابر مكان للتعليم والرحمة لا التطاول والتجريح

قال الدكتور أبو اليزيد سلامة الباحث بهيئة كبار العلماء في الأزهر، إن المشكلة خطيرة فيما قاله الشاب على المنبر لكنها لا تتوقف فقط على ما قال ، وإنما في جذور فكرية غُرِست في هذا الشاب، وربما في غيره.
المنابر مكان للتعليم والرحمة
وتابع: لذلك الواجب الأكبر ليس في عقوبته وإنما المراجعة الفكرية، وتصحيح مسار التعليم الدعوي، وضبط منابر المساجد حتى لا تصبح أداة لغرس أفكار مشوهة في عقول الشباب، وأظن الوزارة تعمل جاهدة في هذا الإطار.
وأضاف: الخطأ الأكبر – في نظري – على من لقّنه أفكارًا خاطئة، وعلى من سمح له باعتلاء المنبر. فالمنبر أمانة عظيمة، المشكلة ليست في لسان جاهل، وإنما في أن يقدم من لم يُؤهَّل علميًا وتربويًا. فالمنابر مكان للتعليم والرحمة والتوجيه بالحكمة، لا للتطاول ولا للتجريح.
وشدد: كلنا كأزهريين علينا حمل أمانة من يُؤهَّل للخطابة، كيف تكون الكلمة على المنبر وعيًا وهدايةً، لا إساءةً وتشويشًا، نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الشباب.
الأزهر منه بريء.. جدل على فيسبوك حول "خطيب الخطيئة" بين مطالب بالعفو عنه وبين إعادة تأهيله
انقسم رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عقب واقعة الطالب الأزهري المعروف إعلاميًا بـ"خطيب الخطيئة"، الذي وصف احتفالات المولد النبوي الشريف بـ"اليوم المنيل "، وهو ما أثار موجة واسعة من الغضب والانتقادات.
فريق من الناس اعتبر أن اعتذار الطالب لا يُعتد به، مؤكدين أن ما صدر عنه يُعبر عن فكر عفن غرسته فيه الجماعات المنحرفة عن المنهج الأزهري الصحيح، وأنه لا يُمكن أن يُنسب إلى الأزهر الشريف الذي يبرأ تمامًا من هذه التوجهات المتطرفة. وطالب هؤلاء بضرورة "تطهيره" من هذا الفكر قبل السماح له بالاستمرار في طريق الدعوة.
وفي المقابل، دافع آخرون عن الطالب مشيرين إلى أنه ما زال في مرحلة التعليم الثانوي الأزهري، وأنه يحتاج إلى الاحتضان والتأهيل الصحيح، لا سيما أن تهميشه قد يدفعه إلى مزيد من الانحراف. وأكدوا على أهمية وضع برامج توجيهية وتربوية وتأهيلية لإصلاح فكر الشباب وإعادة دمجهم في المنهج الأزهري الوسطي.
ومن جانب آخر، دخل علماء من وزارة الأوقاف على خط الأزمة، حيث شددوا على أن علاج مثل هذه الظواهر لا ينفصل عن ضرورة سد العجز في أعداد خطباء المساجد. وطالبوا بضرورة الاستعانة بالمحالين للمعاش في سد هذا العجز، على أن يتم التعامل معهم بطريقة تليق بمكانتهم. وأشار بعضهم إلى أن آلية صرف مكافآت الخطابة لا تراعي قيمتهم، إذ يتقاضى بعضهم 800 جنيه تُخصم منها استقطاعات ليصل المبلغ إلى نحو 700 جنيه فقط، فضلًا عن أن إجراءات الصرف تتم أحيانًا بشكل غير لائق.
فيما قال الدكتور أسامة رسلان المتحدث باسم وزارة الأوقاف أن صاحب الواقعة ليس خطيبا بالأوقاف ،وأن الوزارة ليس لها سلطان إداري أو وظيفي على الطالب، حيث إنه لا يزال في المرحلة الثانوية، وبالتالي لا يمكنها معاقبته بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن الأمر متروك للتحقيقات التي قد تمتد لتوقيع عقوبة عليه إذا لزم الأمر.
وأضاف أن التعامل مع مثل هذه القضايا لا يقتصر على العقاب فقط، وإنما يتطلب أيضًا مناصحة فكرية لإعادة تقويم الشاب وتصحيح ما تعرض له من انحراف، مع ضرورة توقيع عقوبات رادعة على من سمح له باعتلاء المنبر وإلقاء درس، لأنهم مؤتمنون على فكر الناس. وأوضح أن ما ألقاه الطالب لم يكن خطبة جمعة وإنما مجرد درس.
وشدد "رسلان "على أن وزارة الأوقاف منذ تولي الدكتور أسامة الأزهري المسئولية وضعت معايير صارمة لمن يعتلي المنبر، لا تقتصر على البلاغة أو المعلومات، بل تركز أساسًا على سلامة المضمون الفكري واعتداله، واتزانه مع المنهج الوسطي الذي تتبناه الوزارة.