«بتوقيع آلي ».. وثائق إلكترونية تكشف فوضى العفو الرئاسي في عهد بايدن

كشفت وثائق بريد إلكتروني داخلية، حصل عليها موقع "أكسيوس"، عن خلافات حادة داخل إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، بشأن الطريقة التي أُصدرت بها قرارات العفو في الأسابيع الأخيرة من ولايته، والتي شملت استخدام توقيع آلي، وقرارات مثيرة للجدل، بعضها شمل أفرادًا من عائلته.
وتسلّط هذه الرسائل الضوء على فوضى اتخاذ القرار في أحد أكثر الملفات حساسية داخل البيت الأبيض، وسط تحقيقات جارية من لجنة الرقابة في مجلس النواب بقيادة الجمهوريين، واستقالات داخل وزارة العدل احتجاجًا على آلية العفو.
توقيع إلكتروني لعفو رئاسي
بحسب البيانات التي حصل عليها الموقع، استخدم بايدن أداةً رقمية تحاكي توقيعه في إصدار آلاف قرارات العفو، دون أن يُوقّع فعليًا على الوثائق. وبلغ عدد قرارات العفو وتخفيف الأحكام التي أصدرها خلال ولايته 4245 قرارًا، وهو رقم قياسي في التاريخ الرئاسي الأميركي، نفّذ 95% منها خلال الأشهر الثلاثة والنصف الأخيرة من فترته.
وفي رسالة إلكترونية مؤرخة مساء 19 يناير 2025، أي قبل أقل من 14 ساعة من مغادرة بايدن لمنصبه، أكد كبير موظفيه جيف زينتس: "أوافق على استخدام العفو التلقائي لتنفيذ جميع قرارات العفو التالية. شكرًا لك، جيه زي". إلا أن البريد الإلكتروني الذي نُسب له لم يُرسَل منه شخصيًا، مما أثار تساؤلات عن شفافية الإجراءات.
وكشفت مصادر مطلعة على سير العملية داخل البيت الأبيض لـ"أكسيوس" إن قرارات العفو لم تُعرض على وزارة العدل للمراجعة القانونية، وهو إجراء تقليدي يُعتبر ضروريًا لضمان العدالة. وقال أحد المطلعين: "كان هناك اندفاعٌ محمومٌ للعثور على مجموعاتٍ من الأشخاص لمنحهم العفو، دون مراجعة ملفاتهم من قبل وزارة العدل".
وكانت جيس هيرتز، سكرتيرة موظفي البيت الأبيض، قد طالبت بايدن في بداية ولايته عام 2021 بالاستمرار في استخدام توقيعه الأصلي في "رسائل العفو"، مستشهدةً بسوابق من إدارة أوباما، إلا أن ذلك لم يُطبق في نهاية المطاف.
عفو لعائلة الرئيس بقرار داخلي
وكشفت تلك الوثائق أيضاً أن بايدن منح العفو لخمسة من أفراد عائلته، من بينهم شقيقه وشقيقته، وهما متهمان باستغلال اسم عائلة بايدن لتحقيق مكاسب مالية، وفق تقارير سابقة. وتشير إحدى الرسائل إلى أن قرار العفو عن أفراد العائلة اتُّخذ في اجتماع ضمّ كبير مساعدي السيدة الأولى، أنتوني بيرنال.
في مذكرة داخلية، وصف برادلي وينشايمر، كبير محامي الأخلاقيات في وزارة العدل، قرارات بايدن بأنها "مضللة"، وقال إن بعض المستفيدين من العفو ارتكبوا جرائم عنف، على عكس ما أعلنه الرئيس. وذكر من بينهم رجل أقر بقتل امرأة وابنتها البالغة من العمر عامين، بعد أن هددت الأم بكشف نشاطه الإجرامي.
وقال وينشايمر: "لا أعرف إن كان الرئيس على علم بهذه الخلفيات عند اتخاذ قرارات العفو"، مشيرًا إلى أن الوزارة لم تُمنح الفرصة الكافية للتدقيق في ملفات المشمولين بالعفو، رغم التحذيرات المتكررة.
واحتجاجًا على هذه التجاوزات، استقال وينشايمر من منصبه في فبراير 2025، بعد 34 عامًا من الخدمة في الوزارة. وقد نشرت صحيفة "نيويورك بوست" لاحقًا نص مذكرته، إلى جانب سلسلة من الرسائل الإلكترونية الداخلية.
فوضى العفو في عهد بايدن
من جهته، استشهد الرئيس الحالي دونالد ترامب بما وصفه بـ"فوضى العفو في عهد بايدن"، لتبرير قرارات العفو التي أصدرها لصالح عدد من مؤيديه ومدانين على صلة بمحاولات قلب نتائج انتخابات 2020.
أما بايدن، فبرر قراراته بالقول إنها تهدف إلى "تصحيح أخطاء تاريخية"، مشيرًا إلى أن المستفيدين من العفو "مدانون بجرائم مخدرات غير عنيفة"، لكنه لم يُعلّق على المعلومات التي تفيد بعكس ذلك في بعض الحالات.
وفتحت لجنة الرقابة في مجلس النواب، التي يترأسها الجمهوريون، تحقيقًا رسميًا في عملية العفو، مع التركيز على استخدام التوقيع الآلي، وتجاوز وزارة العدل، ومنح العفو لأقارب الرئيس. ومن المتوقع أن تستدعي اللجنة مسؤولين سابقين في البيت الأبيض ووزارة العدل للإدلاء بشهاداتهم، وسط دعوات لإجراء إصلاحات تشريعية تُقيّد صلاحيات العفو الرئاسي في المستقبل.