عباس شراقي: ارتفاع متوقع في أمطار حوض النيل الأزرق خلال الأسبوع الجاري

أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، بدء ارتفاع معدلات هطول الأمطار على حوض النيل الأزرق خلال الأسبوع الجاري، وهو ما يُنذر بمرحلة جديدة في تدفقات المياه على سد النهضة الإثيوبي، وتداعيات محتملة على دولتي المصب، السودان ومصر.
وأوضح شراقي، في منشور له عبر حسابه على "فيسبوك"، أن التوقعات المناخية تشير إلى زيادة ملحوظة في كميات الأمطار خلال هذا الأسبوع، على كل من حوض النيل الأزرق والمناطق الجنوبية من السودان.
وأضاف أن بيانات النصف الأول من موسم الأمطار أظهرت تباينًا واضحًا، إذ كانت معدلات الهطول أقل من المتوسط على حوض النيل الأزرق، في مقابل زيادتها على حوض نهر "تاكيزي" المعروف أيضًا باسم "عطبرة".
سد النهضة يقترب من الامتلاء الأقصى
وفيما يخص الوضع الراهن لسد النهضة، أشار الدكتور شراقي إلى أن منسوب بحيرة السد يقترب حاليًا من الحد الأعلى للتخزين البالغ 640 مترًا فوق سطح البحر، وهو ما يعني اقتراب السد من بلوغ أقصى طاقته التخزينية لهذا الموسم.
وأضاف أن السد يقوم حاليًا بتصريف معظم الإيراد اليومي للمياه، والذي يقدر بنحو 400 مليون متر مكعب، من خلال أنفاق التوربينات أثناء التشغيل أو خلال التجارب التشغيلية.
إلا أنه حذر من أنه في حال تزايد الأمطار وتوقف بعض التوربينات، فستضطر إثيوبيا إلى فتح بوابات التصريف العلوية – كما حدث في 24 أغسطس الماضي – أو السماح بمرور المياه عبر المفيض المفتوح أعلى الممر الأوسط للسد.
300 إلى 400 مليون متر مكعب يوميًا تتدفق نحو السودان ومصر
وأكد شراقي أن تصريف المياه من بحيرة سد النهضة إلى دولتي المصب مستمر بمعدل يتراوح بين 300 إلى 400 مليون متر مكعب يوميًا، سواء عبر أنفاق التوربينات أو من خلال البوابات أو المفيض، مما يجعل هذه المرحلة حساسة من حيث إدارة كميات المياه القادمة إلى السودان ومصر خلال موسم الفيضان.
واختتم شراقي تحليله بالتشديد على ضرورة المتابعة الدقيقة لتطورات الأمطار والتصرفات المائية في السد، لما لذلك من أثر مباشر على الموارد المائية لدول المصب، وعلى الأوضاع البيئية والزراعية والاقتصادية المرتبطة بها.
البيان اجتماع آلية (2+2)
وفي سياق منفصل، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن البيان الصادر عن اجتماع آلية (2+2) لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان شكّل نقطة تحول مهمة في مسار أزمة سد النهضة، إذ عكس وحدة الرؤية بين البلدين وحرصهما على مواجهة السياسات الأحادية التي تتبعها إثيوبيا في ملف السد.
وأوضح شراقي، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «خط أحمر» على قناة «الحدث اليوم»، أن هذا الاصطفاف المصري–السوداني أزعج العديد من الأطراف، ما دفع البعض إلى بث شائعات عن وجود اتفاق ثنائي بين الخرطوم وأديس أبابا، في محاولة لتقويض قوة الموقف العربي والإقليمي الداعم لمصر والسودان.
سياسة الأمر الواقع
شدد أستاذ الموارد المائية على أن القاهرة والخرطوم لا ترفضان التنمية في إثيوبيا، بل يرفضان الأسلوب الأحادي وفرض سياسة الأمر الواقع في إدارة مياه النيل الأزرق.
وأضاف أن دعوة إثيوبيا لمصر والسودان لحضور افتتاح السد تمثل استفزازًا سياسيًا، خاصة أن البلدين تقدما في وقت سابق بشكاوى رسمية لمجلس الأمن اعتراضًا على هذه الممارسات، وهو ما يؤكد جدية التحرك المصري–السوداني.
أضرار جسيمة بدولتي المصب
استعرض شراقي أبرز النقاط التي تضمنها البيان المشترك، مشيرًا إلى أنه اعتمد على بيانات وأرقام دقيقة توضح الأضرار التي لحقت بمصر والسودان خلال السنوات الخمس الماضية. وكشف أن إثيوبيا قامت بتخزين نحو 100 مليار متر مكعب من المياه خلف سد النهضة، أي ما يعادل ضعف حصة مصر السنوية من مياه النيل تقريبًا.
تأثير مباشر على السودان
وأوضح شراقي أن السودان تكبّد أضرارًا واضحة منذ بدء التخزين، إذ توقفت محطات مياه الشرب خلال السنة الأولى بسبب انخفاض منسوب النيل الأزرق. كما شهدت سدود السودان، وعلى رأسها سد الروصيرص، اضطرابات خطيرة نتيجة قرارات أحادية اتخذتها إثيوبيا بفتح أربع بوابات من سد النهضة فجأة ثم إغلاقها دون تنسيق، ما تسبب في إرباك منظومة تشغيل السدود السودانية.
تهديد إثيوبي خطير
وأشار الخبير المصري إلى أن السودان أصبح في مرمى تهديد مباشر، إذ تمتلك إثيوبيا القدرة على إحداث فيضانات مدمرة بمجرد التحكم في فتح أو إغلاق البوابات، دون الحاجة لاستخدام أي وسائل عسكرية، وهو ما يمثل ضغطًا سياسيًا وأمنيًا كبيرًا في ظل استمرار الخلافات الحدودية بين البلدين.
تجاهل اتفاقيات تاريخية
ولفت شراقي إلى أن السياسات الإثيوبية تمثل انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات التاريخية المنظمة لاستخدام مياه النيل، مؤكدًا أن بناء سد النهضة وتخزين المياه بهذه الكميات الضخمة دون اتفاق مع دولتي المصب يُعد تجاوزًا لكل الأعراف الدولية، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، وضمان حماية الأمن المائي لكل من مصر والسودان.
تحرك دبلوماسي مكثف
وأكد أن البيان المصري–السوداني يعكس توافقًا تامًا في الرؤية، ويعطي رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن القاهرة والخرطوم متمسكتان بحقوقهما المائية ولن تتنازلا عنها. وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تحركات دبلوماسية مكثفة على المستويين العربي والدولي، بهدف الضغط على إثيوبيا للجلوس على مائدة التفاوض والوصول إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق جميع الأطراف.
دعوة للتكاتف العربي
اختتم الدكتور عباس شراقي حديثه بالتأكيد على أن قضية سد النهضة ليست مجرد أزمة ثنائية، بل هي قضية عربية وإفريقية تمس الأمن القومي للمنطقة بأكملها.
ودعا الدول العربية والإفريقية لدعم موقف مصر والسودان والعمل على حماية حقوق شعوب حوض النيل، مؤكدًا أن استمرار السياسات الأحادية سيؤدي إلى اضطرابات سياسية واقتصادية واسعة.