وصفوها بالطفلة الاخطر في العالم.. من هي ابنه زعيم كوريا الشمالية؟
أثار الظهور المتكرر لابنة زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، كيم جو آي، في مناسبات رسمية، وآخرها خلال زيارته الأخيرة لبكين للمشاركة في قمة "منظمة شنجهاي للتعاون"، موجة من التساؤلات في الأوساط الدولية بشأن مستقبل الحكم في الدولة النووية المنعزلة.
وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، أشار كبير محللي الشؤون الدولية، رولاند أوليفانت، إلى أن مشاركة كيم جو آي في لقاءات رسمية جمعتها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تكون مؤشراً واضحاً على أنها الوريثة المرجحة لقيادة البلاد.
ترسيخ السلالة الحاكمة
ووفقًا لوكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية، فإن كيم جو آي هي الابنة الوحيدة المعترف بها علنًا للزعيم كيم جونج أون، ويعتقد أنها تبلغ من العمر 12 أو 13 عامًا، واعتبر إدوارد هاول، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أوكسفورد، أن تقديمها أمام قادة دوليين بهذا الشكل، كما لو كانت نائبة لوالدها، يحمل رسالة واضحة مفادها أن "سلالة كيم باقية في الحكم".
وكان أول ظهور علني لكيم جو آي في نوفمبر 2022 خلال تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات، حيث ظهرت بملابس طفولية وهي تمسك بيد والدها. إلا أن ظهورها تطوّر تدريجياً لتشارك في مناسبات أكثر رسمية، من مباريات رياضية إلى لقاءات علمية مع خبراء في الأقمار الصناعية.
وفي مايو الماضي، سجّلت أول مشاركة دبلوماسية لها عندما رافقت والدها إلى السفارة الروسية في بيونغ يانغ بمناسبة "يوم النصر"، في خطوة فُهمت على أنها تمرين مبكر على العمل السياسي.
"الطفلة المحترمة".. دلالات اللقب
بدأ الإعلام الرسمي في كوريا الشمالية يطلق على كيم جو آي لقب "الطفلة المحترمة"، وهو توصيف لا يُمنح عادة إلا لأفراد من النخبة الحاكمة، في مؤشر على مكانتها المتقدمة داخل هرم السلطة.
ويرى تشيونج سونج تشانج، الباحث في معهد سيجونج الكوري الجنوبي، أن ظهورها ضمن الوفد الرسمي في بكين يعزز من احتمالية كونها الشخصية الثانية في كوريا الشمالية، خاصة مع تكرار ظهورها في مناسبات عالية المستوى.
خلافة غير واضحة المعالم
ورغم المؤشرات القوية، يشير أوليفانت إلى أن انتقال السلطة في كوريا الشمالية لا يتبع نمطاً ثابتاً، فكيم جونج أون نفسه لم يظهر كخليفة رسمي لوالده كيم جونغ إيل إلا قبل أسابيع من وفاة الأخير عام 2011، بينما كان كيم جونج إيل قد عُيّن وريثاً لوالده كيم إيل سونغ قبل سنوات من وفاته في 1994.
الخبيرة رايتشل مين يونغ لي من مؤسسة "38 نورث" في واشنطن، حذرت من الإفراط في تفسير إشارات كهذه، مشيرة إلى أن اصطحاب كيم لابنته إلى الصين قد لا يعني بالضرورة أنها الوريثة القادمة، رغم أن جدها كيم جونج إيل قام بخطوة مماثلة عندما رافق والده في زيارات خارجية قبل تثبيته وريثًا.
منافسة نسائية داخل العائلة
من جهة أخرى، لا تزال كيم يو جونج، شقيقة الزعيم الكوري، تحتل مكانة سياسية قوية وتُعتبر واحدة من أبرز الشخصيات النافذة في البلاد، وقد ظهرت أيضًا إلى جانب شي جين بينغ وبوتين خلال القمة الأخيرة، ما يعزز الحديث عن احتمال أن تكون المنافس الأبرز لابنة أخيها على موقع القيادة في المستقبل.
وقد لعبت كيم يو جونغ دوراً دبلوماسياً مهماً خلال السنوات الماضية، وسبق أن مثلت بلادها في أولمبياد بيونغ تشانغ 2018، كما تولت مناصب رفيعة ضمن الحزب الحاكم.
ورغم الطابع الأبوي للمجتمع الكوري الشمالي، فإن بروز شخصيات نسائية مثل كيم يو جونج وتشوي سون هي – أول وزيرة خارجية في البلاد وعضوة في المكتب السياسي – يشير إلى إمكانية وصول امرأة إلى سدة الحكم، وإن كان ذلك لا يزال نادرًا.
أهداف دعائية ورسائل داخلية
يرى محللون أن ظهور كيم جو آي المتكرر يخدم أكثر من هدف، أبرزها التأكيد على استمرار السلالة الحاكمة، والرد على الشائعات المتكررة حول الوضع الصحي للزعيم كيم جونغ أون، الذي يعاني من مشاكل صحية وزيادة في الوزن، فيما يسعى النظام من خلال هذا الظهور إلى إضفاء بعد إنساني وأبوي على شخصية الزعيم، في إطار حملة ناعمة لتلميع صورته داخليًا وخارجيًا.
لكن في ظل الطبيعة المغلقة للنظام، وغياب أي إمكانية للوصول إلى مصادر مستقلة، يصعب التأكد من النوايا الحقيقية وراء هذه التحركات. فلا مقابلات أو تسريبات أو تصريحات رسمية يمكن من خلالها قراءة المشهد بشكل دقيق، ما يترك للمراقبين مجالًا محدودًا لتحليل السياسات الداخلية من خلال صور الإعلام الرسمي والخطاب السياسي.
كيم جو آي.. اللغز الجديد
واختتم أوليفانت مقاله بالتأكيد على أن كيم جو آي باتت تمثل لغزًا جديدًا في المعادلة السياسية الكورية، لافتًا إلى أن السنوات القادمة ستشهد الكثير من التحليلات حول دورها المحتمل، "لكن ليس كل ما سيُكتب عنها سيكون صحيحًا".
