موسكو تلوح بالحسم العسكري.. الضمانات الأوروبية تدفع روسيا لتصعيد الصراع

أفاد دبلوماسي روسي رفيع المستوى أن موقف بلاده الرافض للضمانات الأمنية الأوروبية ليس تغيرًا مفاجئًا في استراتيجية موسكو، بل نتيجة متراكمة لسنوات من الإحباط السياسي، وفشل متكرر للمسارات الدبلوماسية.
أوضح الدبلوماسي في تصريحات صحفية أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمضي نحو الخيار العسكري الحاسم في أوكرانيا لم يكن نتيجة لحظة طارئة، بل جاء بعد أن استنفدت موسكو كافة السبل السياسية، بدءًا من اتفاقية مينسك، مرورًا بمفاوضات متعددة، وانتهاءً بمحاولات أوروبية وصفها بـ"العقيمة".
وأشار إلى أن موسكو طرحت مرارًا ملف الضمانات الأمنية على طاولة المفاوضات مع الغرب، لكنها قوبلت، حسب قوله، بـ"التجاهل وأحيانًا السخرية" من جانب الإعلام الأوروبي، ما دفع الكرملين إلى اعتبار أن الحل العسكري بات الطريق الوحيد لحماية الأمن القومي الروسي.
اتفاق إسطنبول والفرصة الضائعة
وأكد الدبلوماسي الروسي أن اتفاق إسطنبول في أبريل 2022 كان يشكّل فرصة جدية لإنهاء النزاع، لكن التدخل الغربي وعلى رأسه زيارة رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون دفع الجانب الأوكراني إلى الانسحاب من طاولة المفاوضات، والاستمرار في التصعيد.
وشدد على أن التحول في الموقف الأمريكي بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، كان له أثر مباشر، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب بدأت في الابتعاد تدريجيًا عن ملف أوكرانيا، بعدما صرّح الرئيس الجديد بأن الحرب "ليست حربه، بل حرب سلفه جو بايدن".
وجدد المسؤول الروسي استعداد بلاده للانخراط في مفاوضات مشروطة باستسلام كييف وتنفيذ بنود اتفاق إسطنبول، معتبرًا أن "أي حلول أخرى لم تعد واردة".
رسائل روسية صارمة وتحذير من الانفجار
التصريحات الروسية المتكررة خلال الأيام الأخيرة تعكس تصعيدًا سياسيًا واضحًا تجاه أوروبا، حيث اعتبرت موسكو أن الضمانات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا تشكّل خطرًا على أمن القارة بأسرها.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن موسكو ترفض بشكل قاطع أي تدخل أجنبي في الشأن الأوكراني، محذّرة من أن "أي صيغة من هذا النوع ستقوّض الأمن الأوروبي بدلًا من تعزيزه".
أوروبا تواصل دعم كييف.. وتحضيرات في باريس
تأتي هذه التطورات بالتزامن مع انعقاد قمة "تحالف الراغبين" في باريس، والتي تناولت احتمال نشر قوات أوروبية في أوكرانيا ضمن تسوية مستقبلية مع روسيا.
وخلال القمة، سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تقديم ما وصفه بـ"مظلة سياسية جديدة" لأوكرانيا، مؤكدًا أن أوروبا مستعدة لتقديم ضمانات أمنية حال توقيع اتفاق سلام.
غير أن ماكرون أعرب عن شكوكه في نوايا روسيا بشأن السلام، مشيرًا إلى وجود تناقض في التصريحات الروسية بين ما يُعلن للرأي العام وما يُناقش في الغرف المغلقة، بما في ذلك التواصل مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب.