عاجل

كيف انقلبت علاقة ترامب مع الهند من التحالف إلى العداء؟

ترامب ومودي
ترامب ومودي

كشفت مصادر قريبة من البيت الأبيض عن تدهور عميق في العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بعد أن تحولت من شراكة استراتيجية وثيقة إلى مواجهة دبلوماسية حادة، على خلفية ملفات تتعلق بالحرب مع باكستان، والرسوم الجمركية، والمواقف المتباينة من القضايا الدولية.

أزمة ثقة بعد الحرب الهندية الباكستانية

وفقًا لتسريبات، فإن العلاقة الشخصية الوثيقة التي جمعت ترامب بمودي بدأت في الانهيار عقب الحرب الأخيرة بين الهند وباكستان. 

حيث سعى ترامب إلى نسب الفضل لنفسه في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما رفضه مودي بشكل قاطع، معتبرًا أن حل النزاع في كشمير هو شأن ثنائي لا يتطلب وساطة خارجية.

مصادر مطلعة أفادت بأن تصريحات ترامب عبر منصته للتواصل الاجتماعي عن "نجاحه في إنهاء الحرب"، تمت دون تنسيق مسبق مع نيودلهي، مما أثار استياءً شديدًا لدى مودي، وأدى إلى انهيار الثقة بين الطرفين.

مكالمة "نوبل" التي فجرت الخلاف

التوتر بلغ ذروته بعد مكالمة هاتفية بين الزعيمين، طلب خلالها ترامب من مودي دعمه في ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، أسوة بما فعلته باكستان. لكن مودي رفض الطلب، وأعلن صراحة أن الاتفاق تم بجهد ثنائي بين بلاده وإسلام آباد، دون أي تدخل من ترامب.

هذا الموقف الصريح من مودي، بحسب المقربين من البيت الأبيض، أدى إلى قطيعة غير معلنة بين الطرفين، وتصاعد التوتر بوتيرة سريعة منذ تلك اللحظة.

التصعيد الاقتصادي.. الرسوم الجمركية

لاحقًا، أشعلت أزمة الرسوم الجمركية مزيدًا من التوتر، إذ اتهم ترامب الهند بالاستفادة من السوق الأميركي دون أن تدفع ما يكفي من رسوم، وفرضت إدارته رسومًا جديدة بلغت 50%، في واحدة من أعلى المعدلات التي فُرضت على دولة حليفة.

وفي رد مفاجئ خلال مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس البولندي، ربط ترامب بين العقوبات على الهند وروسيا، مؤكدًا أن هذه الرسوم تستهدف الأسواق التي تخفف العبء الاقتصادي على موسكو، وبالتالي فهي تشكّل ضغطًا غير مباشر على الكرملين.

محللون: ترامب كسر إرث التحالف الأمريكي الهندي

يرى لارم ديبو ماسي، دبلوماسي أمريكي متقاعد عمل مع خمسة رؤساء سابقين ويشغل حاليًا منصبًا أكاديميًا بجامعة جورج واشنطن، أن ما فعله ترامب يمثل خروجًا واضحًا عن سياسة أميركية دامت لعقود، هدفت إلى تقوية التحالف مع الهند لموازنة النفوذ الصيني والروسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأضاف ماسي أن العلاقة بين نيودلهي وبكين تاريخيًا كانت متوترة، وهذا ما جعل الهند دائمًا خيارًا استراتيجيًا لواشنطن. لكن ترامب غيّر هذه المعادلة خلال فترة قصيرة، وحوّل العلاقة من شراكة استراتيجية إلى خصومة مفتوحة.

ضغط متواصل على سياسة الهند الخارجية

ترامب، بحسب المصادر، لم يكتف بملف الرسوم، بل بدأ بممارسة ضغوط على الهند بشأن مواقفها من الحرب في أوكرانيا، مطالبًا إياها باتخاذ موقف أكثر صرامة ضد روسيا. 

واعتبر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مودي أن هذه المطالب تتعارض مع سيادة القرار الهندي، وتمثل تقليلًا من شأن بلاده ومكانتها السياسية.

رد مودي جاء عمليًا من خلال استمرار العلاقات الوثيقة مع موسكو، وهو ما اعتبره ترامب خرقًا لتحالفه مع مودي، فردّ عليه بجولة جديدة من الرسوم الجمركية وصلت إلى مستويات مماثلة لتلك المفروضة على البرازيل.

نيودلهي تختار التوجه شرقًا

في تطور لافت يخالف التقاليد الدبلوماسية، بدأت الهند تتقارب أكثر مع الصين، وشارك رئيس وزرائها في قمة منظمة شنغهاي للتعاون إلى جانب الرئيسين الروسي والصيني، وهو ما عُدّ تحولًا واضحًا في السياسة الخارجية الهندية.

وتزامن هذا التقارب مع توتر داخلي في العلاقة مع واشنطن، بعد أن أقدمت إدارة ترامب على ترحيل مهاجرين هنود مكبلين بالأصفاد، في خطوة أثارت غضب حكومة مودي، واعتُبرت إهانة لمواطنيه.

ملف الهجرة يعمق الأزمة

تصاعدت الأزمة بين البلدين بعد أن أعلنت القاعدة الانتخابية لترامب رفضها للعمال الهنود الحاصلين على تأشيرات عمل في الولايات المتحدة، ولاقى هذا الموقف دعمًا علنيًا من ترامب الذي صرّح بأن الأولوية يجب أن تكون للعمال الأميركيين، لا القادمين من الهند.

وأضاف هذا الموقف بعدًا شعبيًا للأزمة، وأدى إلى تعميق القطيعة بين الزعيمين، وأغلق الباب أمام أي تقارب محتمل في المستقبل القريب.

تم نسخ الرابط