هل يغسل الميت في ثيابه، أم يجرد ثم يستر بما تيسر؟.. الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء أن تغسيل الميت يجوز أن يكون في ثيابه أو بعد تجريده منها، وذلك يُرجع فيه إلى تقدير أوليائه وما يراه الغاسل مناسبًا بحسب حال الجسد وخبرته في الجمع بين مقصود الشرع من التطهير والستر.
فإن أمكن الغسل على الهيئة التي غُسِّل بها النبي ﷺ، أي دون نزع الثياب مع تحقق النظافة والتطهير، فهذا هو الأولى والأفضل. أما إذا كان في ذلك مشقة أو تعذر، فلا مانع من تجريد الميت من ثيابه مع وجوب ستر عورته، ويُستحب ستر باقي جسده كذلك. فحرمة الميت في الشريعة كحرمته في حياته، ويُراعى فيها الستر والصيانة بقدر المستطاع
مشروعية تغسيل الميت وحكمه
أجمع الفقهاء على مشروعية غسل الميت، وأنه فرض كفاية دلَّت عليه السنة النبوية وإجماع الأمة، وهو من الحقوق التي تجب للمسلم على أخيه. فقد ورد أن الملائكة غسلوا آدم عليه السلام وقالوا لذريته: «هذه سنة موتاكم»، كما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال في شأن المحرم الذي مات: «اغسلوه بماء وسدر» متفق عليه. ولهذا قرر العلماء أن تغسيل الميت واجب على الأحياء.
ستر عورة الميت أثناء الغسل
اتفق العلماء على أن الميت يجب ستر عورته كما تُستر حال حياته؛ فحرمته ميتًا كحرمته حيًّا. والجمهور على أن العورة من السرة إلى الركبة، بينما يرى بعض الحنفية أن العورة المغلظة فقط هي التي يجب سترها. وقد نصّ الحافظ ابن عبد البر على أن: «السنة المجمع عليها تحريم النظر إلى عورة الحي والميت، ولا يُغسَّل الميت إلا وعليه ما يستره».
هل يُغسَّل الميت في ثيابه أم بعد تجريده؟
الغسل في الثياب
استند من قال باستحباب غسل الميت في ثوبه إلى ما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في وصف غسل النبي ﷺ؛ حيث غُسِّل وعليه قميصه، يُصب الماء فوقه ويُدلَّك من فوقه. ورأى هؤلاء أن ذلك أستر للميت وأصون لكرامته، لئلا يُكشف جسده أو يُرى ما يُكره الاطلاع عليه. وهذا قول الشافعية في الصحيح عندهم، ورواية عن أحمد، وبه قال بعض المالكية.
الغسل بعد التجريد
في المقابل، ذهب الحنفية، ومعهم المالكية في المشهور، والشافعية في وجهٍ آخر، ورواية عن أحمد، إلى أن الأصل هو تجريد الميت من ثيابه عند الغسل، مع ستر عورته بما يسترها. واستدلوا بأن التجريد أبلغ في التنقية وإزالة النجاسة، بينما غسل الميت في ثوبه قد يُعيق وصول الماء إلى بدنه أو يُعرّض الثوب للتنجس، مما يجعل الغسل أقل كمالًا. واعتبروا أن حديث غسل النبي ﷺ في قميصه حالة خاصة به ﷺ، تعظيمًا لشأنه.
الحكمة من الغسل في الشريعة
مقصود الشريعة من غسل الميت هو الجمع بين أمرين: التطهير وإزالة النجاسة، والمحافظة على حرمة الميت وكرامته.
• فمن الفقهاء من قدَّم جانب الستر، فقالوا: الأولى غسله في ثوب يستر بدنه.
• ومنهم من قدَّم جانب التنقية، فقالوا: الأولى تجريده مع ستر عورته فقط.
والتحقيق أن القولين متقاربين؛ إذ لا يُغسَّل الميت إلا وهو مستور على كل حال، فإن غُسِّل في قميصه فحسن، وإن جُرِّد مع ستر عورته فحسن، والمهم ألا يُكشف إلا بقدر الضرورة