عاجل

اللهم إن كان محتاجاً فبارك له.. ما صحة حديث سرقة نعل النبي ودعائة للسارق

واقعة سرقة نعل النبي
واقعة سرقة نعل النبي ودعائة للسارق

يكثر تداول حديث سرقة نعل النبي ودعائة للسارق، وفي التقرير التالي نرصد ما جاء واقعة سرقة نعل النبي ودعائة للسارق، حيث كشف الدكتور مختار مرزوق العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، وعضو اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة بجامعة الأزهر الشريف، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية صحة الدعاء والحديث المتداول.

واقعة سرقة نعل النبي ودعائة للسارق

وقال« مرزوق»: إنه دفاعًا عن السنة المشرفة أن الحديث السابق حديث لا أصل له، مؤكدًا أن هذا الحديث منتشر على الفيس وهو حديث لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك نحن نحذر من روايته إلا مع بيان أنه مكذوب شأنه كشأن كل الأحاديث الموضوعة.

جاء في واقعة سرقة نعل النبي ودعائة للسارق أنه لما سرق أحدهم حذاء النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إن كان محتاجاً فبارك له فيما أخذ وأن لم يكن محتاجاً فاجعل هذا آخر ذنب يذنبه».

بيان مفهوم السرقة وحكمها

السرقة نوع من أنواع الاعتداء بأخذ المال دون وجه حق، وهي لغة: أخذ الشيء من الغير خفية.. وشرعًا باعتبار الحرمة أخذه كذلك بغير حق نصابًا كان أم لا. "الدر المختار" للحصكفي.

قال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: 12]. وهذه الأمور المنهيّ عنها في الآية الكريمة -وإن كانت الآية نزلت في مبايعة النساء- إلا أنها ليست خاصة بالنساء فقط، وإنما هي أمور بايع الرجال النبي صلى الله عليه وآله وسلم على اجتنابها أيضًا، فتحريمها عام على الرجال والنساء.

قال العلامة الطاهر بن عاشور المالكي في "مقاصد الشريعة الإسلامية": [وقد تنبّه بعض علماء الأصول إلى أن هذه الضروريات مشار إليها بقوله -(وذكر الآية الكريمة السابقة)-؛ إذ لا خصوصية للنساء المؤمنات. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأخذ البيعة على الرجال بمثل ما نزل في المؤمنات كما في "صحيح البخاري"].

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا -وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا- فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» متفق عليه.

وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟» قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ. أخرجه أحمد.

وتحريم السرقة أجمع عليه المسلمون وأصحاب الديانات السماوية، ويتفرع على ذلك وجوب حفظ اللقطة عن الضياع؛ قال الإمام شهاب الدين القرافي في "الفروق": [قاعدة: خمس اجتمعت الأمم مع الأمة المحمدية عليها، وهي: وجوب حفظ النفوس والعقول فتحرم المسكرات بإجماع الشرائع... وحفظ الأعراض فيحرم القذف، وسائر السباب، ويجب حفظ الأنساب فيحرم الزنى في جميع الشرائع، والأموال يجب حفظها في جميع الشرائع فتحرم السرقة، ونحوها، ويجب حفظ اللقطة عن الضياع لهذه القاعدة].

والسرقة في الجملة تعتبر من الكبائر؛ قال الإمام الذهبي الشافعي في "الكبائر": [الكبيرة الثالثة والعشرون السرقة].

عقوبة السرقة والشروط الواجبة لإقامة حدها

شدّد الإسلام في عقوبة السرقة وحدّ لها حدًّا زاجرًا؛ حتى يرتدع كل من تسول له نفسه أن يتعدى على أموال الآخرين وحقوقهم، وحث المسلم على العمل والكسب الحلال الطيب؛ حتى يقبل الله تعالى أعماله، وحتى لا يخضع لعقاب الله وعذابه يوم القيامة؛ فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"، لكن حتى يقام على السارق العقوبة الحدِّية لا بد أن تتوفر في جريمة السرقة شروط معينة، وهذه الشروط تتمثل في خمسة أمور، هي: أن يكون مكلفًا، وأن يقصد فعل السرقة، وألَّا يكون مضطرًا إلى الأخذ، وأن تنتفي القرابة بينه وبين المسروق منه، وألَّا تكون عنده شبهة في استحقاقه ما أخذ؛ كما في "الدر المختار" للحصكفي الحنفي، و"بداية المجتهد" لابن رشد المالكي، و"الأحكام السلطانية" للماوردي الشافعي، و"الأحكام السلطانية" لأبي يعلى الحنبلي.

الحكم إذا تخلف شرط من شروط إقامة حد السرقة

إذا تخلف شرط من تلك الشروط السابقة لا يقام على السارق الحد؛ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات، لكن يعاقب من ثبتت عليه جريمة السرقة غير مكتملة الشروط بالتعزير حسب القانون وما يقرره القاضي، ووفقًا لجسامة الجريمة وخطورة الجاني، فعَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعُقُوبَةِ» أخرجه الترمذي.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهُ مَدْفَعًا» أخرجه ابن ماجه.

ما هي كيفية إبراء الذمة من المسروقات؟

تقول دار الإفتاء: يجب على السارق أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يبرئ ذمته ويرد الحقوق والمظالم إلى أصحابها بعينها إن كانت باقية، وإلا فعليه ردّ قيمتها إذا استُهلِكت أو فُقدت؛ لأن التوبة من حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء، فإن لم يجد أصحابها ردّها لورثتهم، فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فليتصدق بها عنهم. فإذا خشي من حدوث مضارّ أو فتنة أكبر إذا ردّ الحقوق لأصحابها بأسلوب مباشر، فإنه يجوز أن يردّ الحقوق إليهم بأسلوب غير مباشر دون أن يعلمهم بجنايته ولو أن يردها كأنها مجاملة أو هبة مجهولة المصدر أو نحو ذلك. وإذا كانت السرقة في الصغر قبل البلوغ فلا إثم عليه، لكن يرد الشيء الذي أخذه أو قيمته إلى أصحابه وذلك على النحو السابق بيانه.

تم نسخ الرابط