قالوا وقلنا|الاحتفال بـ المولد النبوي عبادة وطاعة. هل فعلها الرسول أو أصحابه؟

تقترب ذكرى المولد النبوي الشريف ويكثر معها الجدل حول حكم الاحتفال بـ مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وهل احتفى النبي صلوات الله وسلامه عليه بيوم مولده أم أنه بدعة مذمومة، وفي التقرير التالي ضمن حملة «قالوا وقلنا» التي أطلقتها دار الإفتاء تزامنًا مع المولد النبوي الشريف للرد على الشبهات.
يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ وهو قول يفيد سنيَّة واستحباب تذكر الأيام العظيمة القدر في حياة المسلمين خاصة، ولا شك أن يوم مولد سيد الخلق هو أحق تلك الأيام وأولاها بالتذكر والاحتفال والاهتمام.

الاحتفال بذكرى المولد النبوي عبادة وطاعة.. هل فعلها الرسول أو أمر بها؟
قالوا: إذا كان الاحتفال بذكرى المولد النبوي عبادة وطاعة، فهل تقرَّب بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وأمر بها؟
قلنا: لقد تقرَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله تعالى بشكره على إرساله للناس هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وذلك في يوم مولده الشريف؛ وذلك ثابت بالحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فقد سُئِل صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» أخرجه مسلم. وإذا كان صيام يوم مولده بسبب شكر الله على نعمة إرساله رحمةً للعالمين، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر الصحابة بهذا النوع من الصيام حين أمرهم بصيام يوم عاشوراء؛ شكرًا لله على نجاة موسى عليه السلام من فرعون، أفلا يكون صيام يوم مولده شكرًا لله أولى من ذلك!
موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025
أعلنت الحكومة المصرية أن يوم الخميس 4 سبتمبر 2025، الموافق 12 ربيع الأول 1447 هـ، سيكون إجازة رسمية مدفوعة الأجر بمناسبة المولد النبوي الشريف، للعاملين في القطاعين العام والخاص، ويحرص المواطنون على الاستفادة من هذه الإجازة للاحتفال بالمولد النبوي، وزيارة الأقارب، والمشاركة في الفعاليات الدينية والثقافية التي تنظم في المساجد والمراكز الإسلامية.
هل احتفى السلف الصالح بذكرى المولد النبوي؟
دَرَجَ سلفُنا الصالح على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نصَّ على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
كما أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مظهر من مظاهر التعظيم والاحتفاء والفرح بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، والاحتفاءُ والفرح به أمرٌ مقطوع بمشروعيته؛ لأنَّه عنوان محبته صلى الله عليه وآله وسلم التي هي ركن الإيمان؛ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
كيف نحيي ليلة المولد النبوي؟
قالت دار الإفتاء إن المولد النبوى الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشرى جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه «رحمة للعالمين»، وهذه الرحمة لـم تكن محدودة فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الـزمان بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره “وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ”
وبينت أن المظاهر الدينية للاحتفال بذكرى مولد النبي الشريف؛ كقراءة القرآن الكريم، وتلاوة السيرة العطرة، وإحياء مجالس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإنشاد بمدائحه الكريمة وشمائله العظيمة، كل ذلك جائز ومستحب شرعًا.

فضل الفرح بذكرى المولد النبوي الشريف
كانت ثويبة خادمة لأبي لهب، وكان قد أعتقها يوم ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسبب أنها بشرته بذلك، فلما مات رآه في المنام بعض أهله مغمومًا حزينًا فقال له: ماذا لقيت؟ قال: لم ألق بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه –أي: من مكان بين أصابع كَفِّهِ- بعتاقتي ثويبة" أخرجه البخاري، فإذا كان ذلك حاله بفرحه ليلة المولد؛ فما حال المسلم الموحِّدِ من أمته حين يُسرُّ بمولده!!
حكم الطعن في مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي
لا يجوز شرعًا الطعن في مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بما قد يحدث فيه من أمورٍ محرمةٍ؛ بل إننا ننكر ما قد يكتنفها من منكرات، ويُنبَّهُ أصحابها –بالحكمة واللِّين- إلى مخالفةِ هذه المُنكراتِ للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.