عاجل

بعد إغلاقه في العهد العثماني.. كيف أعاد المولد النبوي فتح أبواب الأزهر؟|خاص

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

يقترب المولد النبوي الشريف ويكثر معه البحث عن الأحداث والذكريات التي حفرت في التاريخ وارتبطت بهذه الذكرى ومنها إعادة فتح أبواب الجامع الأزهر، فما القصة؟ 

قصة الجامع الأزهر والمولد النبوي الشريف 

في قلب القاهرة القديمة، وفي لحظة فارقة من تاريخ مصر العثمانية، ارتبط الأزهر الشريف ــ الذي ظل لعقود مركز إشعاع علمي وديني للعالم الإسلامي ــ بمناسبة المولد النبوي الشريف ارتباطًا خاصًا، حين جرى الإعلان عن إعادة افتتاحه للصلاة والدراسة في احتفال مهيب بالمولد قرابة عام 978 هـ / 1570 م.

يذكر الشعراني في الطبقات الكبرى: كان المشهد السياسي آنذاك شديد التعقيد؛ فبعد دخول العثمانيين مصر عام 1517 م / 923 هـ، دخلت البلاد مرحلة جديدة من إعادة ترتيب النفوذ بين الحكام الجدد والمؤسسات العريقة التي ورثوها عن الدولة المملوكية. وكان الأزهر من أبرز تلك المؤسسات التي عانت من التوتر والشد والجذب، حتى أُغلق لفترات متقطعة بسبب خلافات حول تمويله وإدارته.

ويوضح الجبرتي في تاريخ الأزهر أنه في هذا المناخ، قرر الوالي العثماني ــ ويُرجّح أن يكون علي باشا الصوفي أو أحد خلفائه المباشرين ــ أن يتقرب إلى العلماء والشعب المصري. واختار مناسبة المولد النبوي الشريف لهذه الخطوة، لما تحمله من رمزية كبرى في قلوب المصريين جميعًا، ولأنها تستقطب حشودًا ضخمة في القاهرة، ما يمنح أي قرار يتخذ خلالها أثرًا واسعًا يتجاوز مجرد السياسة إلى العاطفة والروح.

إعادة فتح أبواب الجامع الأزهر للصلاة

وفي أثناء الاحتفال، أصدر الوالي أمرًا بإعادة فتح أبواب الأزهر للصلاة والدراسة بشكل دائم، مقرونًا بتعهد رسمي بدعمه ماليًا. هذا القرار لم يكن إداريًا بحتًا، بل كان بمثابة مصالحة تاريخية مع العلماء، وإشارة إلى أن الدولة الجديدة عازمة على كسب شرعيتها من خلال رعاية المؤسسات الدينية والعلمية في مصر. 

يقول الباحث مصطفى زايد في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم إن المشهد لم يكن عابرًا، بل حمل دلالات رمزية عميقة: استغلال مناسبة دينية جامعة، لإذابة جليد العلاقة بين السلطة والمجتمع، ومنح القرار طابعًا روحيًا يتجاوز أي نقاش سياسي. وهو ما جعل استقبال المصريين للخطوة مشوبًا بالفرحة والترحاب، في وقت كان فيه التوتر يثقل النفوس.

وتابع: لعل الدليل الأوضح على نجاح تلك المبادرة أن الأزهر، منذ ذلك الحين، واصل مسيرته كأعظم مركز علمي في العالم الإسلامي خلال الحقبة العثمانية وما بعدها، ما يثبت أن هذه اللحظة المفصلية في المولد النبوي لم تكن مجرد حدث احتفالي، بل نقطة انطلاق جديدة في علاقة الأزهر بالسلطة.

إن ارتباط إعادة افتتاح الأزهر الشريف بمناسبة المولد النبوي ليس فقط واقعة تاريخية موثقة، بل هو شاهد على الكيفية التي استخدم بها المصريون والحكام على السواء المناسبات الدينية الكبرى كجسور للمصالحة وترميم الثقة بين الدولة والمجتمع.

تم نسخ الرابط