عاجل

محمد وازن: الخلافات داخل إسرائيل مجرد خداع استراتيجي يخدم أهدافاً سياسية|فيديو

الدكتور محمد وازن
الدكتور محمد وازن

قدّم الدكتور محمد وازن، الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، قراءة دقيقة للمشهد السياسي والأمني داخل إسرائيل، موضحًا أن ما يُروّج عن خلافات بين المستوى السياسي والعسكري في الكيان ليس سوى خداع استراتيجي يُستخدم لأهداف إعلامية وسياسية، فيما تمضي تل أبيب في تطبيق مشروعها القائم على أسس توراتية ودينية ممتدة عبر التاريخ.

الاختيار والعهد والخلاص

أوضح محمد وازن، أن فهم الوضع الراهن داخل إسرائيل لا ينفصل عن قراءة التاريخ والجذور الفكرية للصهيونية. فالمشروع الصهيوني يستند إلى ثلاثة خطوط دينية رئيسية وردت في سفر التكوين: الاختيار – العهد – الخلاص، الاختيار: يقوم على فكرة أن اليهود هم "شعب الله المختار"، الخلاص: يتمثل في الاعتقاد بقدوم "المسيح المخلّص" الذي ينقذ اليهود من الاضطهاد.

وتابع محمد وازن: "العهد يتجسد في النص التوراتي: "ولنسلك أعطي هذه الأرض من بعدك"، والذي يدرّس للأطفال الإسرائيليين منذ الصغر في ما يُعرف بالـ"مدراشيم"، لتأكيد فكرة أن الأرض الممتدة "من النيل إلى الفرات" هي ميراث أبدي لهم".

وأضاف أن قادة الحركة الصهيونية، منذ تيودور هرتزل مرورًا بليليينبلوم ويهودا ليف جوردون، أعادوا تفسير هذه النصوص دينيًا وسياسيًا لشرعنة مشروع الاحتلال والاستيطان، وتثبيت فكرة الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين.

الخلافات السياسية – العسكرية

وأكد "وازن" أن الترويج لخلافات داخلية بين الجيش الإسرائيلي والحكومة بشأن إدارة العمليات العسكرية في غزة ليس سوى أداة من أدوات التضليل الإعلامي، ضاربًا مثالًا بمقال اللواء الاحتياط يتسحاق بريك في صحيفة معاريف، الذي حذر فيه من "خسارة آلاف الجنود" إذا تم تنفيذ المرحلة الثانية من العملية العسكرية.

لكن على أرض الواقع بحسب محمد وازن فإن ما يُسمى بالخلافات يتم تضخيمه إعلاميًا لتوجيه رسائل مزدوجة: الأولى للرأي العام الإسرائيلي لإظهار "نقاش ديمقراطي داخلي"، والثانية للعالم الخارجي للتغطية على حقيقة أن هناك خطة واضحة قيد التنفيذ، كاشفًا أن العملية التي كان يُطلق عليها اسم "عربات جِدعون 2"، تغيّر اسمها بضغط من نتنياهو ليصبح "القبضة الحديدية"، في محاولة للتسويق الشعبي والرفع المعنوي.

الهجرات اليهودية حتى الاحتلال

استعرض محمد وازن المرحلة التاريخية التي سبقت إعلان قيام إسرائيل عام 1948، مشيرًا إلى أن اليهود عاشوا في فلسطين كجماعات دينية مسالمة فيما يُعرف بـ"الاستيطان القديم"، غير أن الحركة الصهيونية، التي نشأت في القرن التاسع عشر خلال ما يُعرف بـ"قرن القوميات"، دفعت نحو هجرات متتالية إلى فلسطين، حتى وصلت إلى الهجرة الخامسة التي أسست للوجود الاستيطاني المنظم.

وبيّن أن اختيار فلسطين لم يكن قرارًا عشوائيًا، فقد طُرحت بدائل مثل الأرجنتين ومدغشقر، لكن الرفض جاء لصالح "الخيار الديني"، باعتبار فلسطين مرتبطة بالنصوص التوراتية. وهكذا تحولت الهجرات إلى قاعدة للاستيطان الحديث، الذي تطور لاحقًا إلى إعلان الكيان الإسرائيلي بالقوة العسكرية والسياسية.

الإعلام كأداة حرب نفسية

أشار محمد وازن إلى أن الإعلام الإسرائيلي يلعب دورًا محوريًا في تسويق الخلافات الداخلية وإظهار الجيش وكأنه متردد أو معارض للسياسات الحكومية، بينما الحقيقة أن جميع المستويات السياسية والعسكرية متفقة على الأهداف الاستراتيجية الكبرى: تهجير الفلسطينيين، ترسيخ الاستيطان، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الإسرائيلية.

وأوضح أن تضخيم الأصوات المعارضة، مثل تصريحات بعض قادة الجيش المتقاعدين أو التحذيرات من الخسائر البشرية، يدخل في إطار الحرب النفسية الموجهة نحو الفلسطينيين والعرب، في محاولة لإضعاف الثقة بقدرة المقاومة على الصمود.

<strong>الإعلامي يوسف الحسيني </strong>
الإعلامي يوسف الحسيني 

أين يتجه المشهد الإسرائيلي؟

خلص محمد وازن إلى أن ما يجري داخل إسرائيل ليس خلافًا حقيقيًا، بل إدارة متقنة لصورة سياسية يراد منها إخفاء حقيقة المشروع القائم على النصوص التوراتية والأهداف التوسعية، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة ستشهد استمرار إسرائيل في تعزيز الاستيطان والضغط العسكري على غزة والضفة، بالتوازي مع تصعيد الخطاب الديني لتبرير سياساتها أمام الداخل الإسرائيلي والعالم.

وختم محمد وازن حديثه بالتأكيد أن الوعي العربي بخلفيات هذا المشروع وخداعاته الاستراتيجية هو السلاح الأول لمواجهته، داعيًا إلى توحيد الجهود السياسية والإعلامية لفضح الأسس الدينية والسياسية التي يقوم عليها الاحتلال، وعدم الانجرار وراء الروايات المضللة التي تروّجها تل أبيب.

تم نسخ الرابط