حقيقة انخفاض الدولار إلى 40 جنيهاً.. خبير اقتصادي يوضح

في الفترة الأخيرة تصاعدت الأحاديث في الشارع المصري ومواقع التواصل الاجتماعي حول إمكانية تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري ليصل إلى 40 جنيهاً خلال الفترة المقبلة هذه التوقعات أثارت جدلاً واسعاً بين المواطنين والمستثمرين، خصوصاً في ظل التغيرات المستمرة في السياسة النقدية والإجراءات الحكومية لمواجهة التضخم ودعم استقرار السوق.
ومن هنا جاءت تصريحات الدكتور محمد فؤاد الخبير الاقتصادي، الذي أوضح الصورة الكاملة بشأن هذا الملف الشائك، كاشفاً عن الحقائق والأسباب التي قد تدعم أو تعرقل انخفاض الدولار، مع تقديمه رؤية مستقبلية للاقتصاد المصري.
الجدل الشعبي والإعلامي حول مستقبل الدولار
شهدت مصر خلال الشهور الماضية ارتفاعات متتالية في أسعار الدولار بالسوق الموازية، ما انعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات ، ومع إعلان البنك المركزي المصري عن سياسات نقدية جديدة، تزايدت التوقعات بعودة الجنيه للارتفاع التدريجي أمام العملة الأمريكية.
ويرى الدكتور فؤاد أن هذه التوقعات لا بد أن تُقرأ في إطار واقعي بعيداً عن المبالغة الإعلامية أو الشائعات التي يطلقها البعض لتحقيق مصالح خاصة أو مضاربات قصيرة المدى.
دور البنك المركزي والإصلاحات النقدية
أكد الخبير الاقتصادي أن البنك المركزي المصري يسعى منذ فترة طويلة إلى ضبط السوق من خلال أدواته التقليدية والحديثة، مثل رفع الفائدة والتحكم في حجم السيولة، إضافة إلى توفير الدولار عبر قنوات رسمية للمستوردين.
وأشار إلى أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تقليص الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازية، إلا أن الوصول إلى مستوى 40 جنيهاً للدولار يتوقف على مجموعة من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية وليس مجرد قرار داخلي.
الاحتياطيات الأجنبية ودورها في استقرار الجنيه
واحدة من النقاط الجوهرية التي تحدث عنها الدكتور فؤاد هي الاحتياطي النقدي الأجنبي، حيث يمثل خط الدفاع الأول أمام أي تقلبات حادة في سعر الصرف ، فكلما ارتفع حجم الاحتياطي زادت قدرة الدولة على التدخل لموازنة العرض والطلب.
وأوضح أن زيادة تدفقات العملة الصعبة من السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، ستسهم بشكل كبير في دعم الجنيه وتقليل الضغط على الدولار.
هل 40 جنيهاً للدولار أمر واقعي؟
في هذا السياق، شدد الدكتور فؤاد على ضرورة التفريق بين التمنيات الاقتصادية والواقع العملي. فالوصول بالدولار إلى 40 جنيهاً لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى منظومة متكاملة تشمل زيادة الإنتاج المحلي، وتوسيع قاعدة الصادرات، وخفض الاعتماد على الاستيراد.
وأكد أن الحديث عن انخفاض الدولار بشكل كبير في فترة وجيزة قد يضر أكثر مما ينفع، لأنه يخلق حالة من الترقب لدى الأسواق ويؤثر سلباً على قرارات المستثمرين.
التضخم والأسعار في السوق المحلي
من القضايا التي لا يمكن فصلها عن ملف الدولار هي التضخم. حيث أوضح الخبير الاقتصادي أن تراجع سعر الدولار لن تكون له نتائج مباشرة وسريعة على أسعار السلع، لأن السوق المحلي يتأثر بمخزونات السلع القديمة المستوردة بأسعار مرتفعة، إضافة إلى تكاليف النقل والطاقة.
وبالتالي، فإن المستهلك لن يشعر بفرق حقيقي إلا مع استمرار الاستقرار في سعر الصرف لفترة طويلة، ومع وجود رقابة صارمة على الأسواق لمنع جشع التجار.
رؤية مستقبلية للاقتصاد المصري
اختتم الدكتور محمد فؤاد تصريحاته بالتأكيد على أن مصر تمتلك إمكانات قوية تؤهلها لتحقيق الاستقرار النقدي، لكن ذلك يتطلب التزاماً بالسياسات الإصلاحية، وتشجيع الاستثمارات، وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي.
وأشار إلى أن التوقعات بعودة الدولار لمستويات 40 جنيهاً ليست مستحيلة، لكنها مرهونة بتحقيق مجموعة من الشروط الاقتصادية الصارمة، أهمها زيادة الصادرات وتراجع الطلب على الاستيراد.
خلاصة تصريحات الدكتور فؤاد
باختصار، أوضح الخبير الاقتصادي أن سعر الدولار في مصر لن ينخفض لمجرد شائعة أو رغبة شعبية، وإنما يحتاج إلى أساس اقتصادي متين. ومع استمرار الدولة في تنفيذ إصلاحاتها، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق الاستقرار السياسي، يمكن حينها الحديث عن انخفاض تدريجي ومستدام للدولار أمام الجنيه.
وبذلك تصبح التوقعات أكثر واقعية، بعيداً عن المبالغات الإعلامية أو المضاربات المالية التي تضر بالاقتصاد ولا تخدم المواطن.