دار الإفتاء: تصرف الإنسان في ماله حال حياته جائز شرعًا

أكدت دار الإفتاء المصرية أن للإنسان الحق الكامل في التصرف في ماله حال حياته ما دام كامل الأهلية، مبينة أن ما يقوم به من هبات أو بيوع أو تنازلات أو أي شكل من أشكال التصرفات الشرعية الناجزة يعتبر صحيحًا ونفاذًا، ولا يُعد جزءًا من تركته بعد وفاته، بل يصبح ملكًا خالصًا لمن وُهب له.
الهبة لبعض الأولاد صحيحة إذا وجدت مصلحة معتبرة
جاء ذلك ردًا على سؤال حول والد قام في حياته بكتابة أرض زراعية وبعض الأموال في دفاتر توفير لثلاث من بناته الشقيقات دون شقيقتين أخريين من الأب، وهو ما أثار التساؤل حول مدى مشروعية ذلك التصرف، وهل يترتب على الورثة رد الحقوق أم لا.
وأوضحت الدار أن ما فعله الوالد جائز شرعًا، إذ تصرف فيما يملك على الوجه الذي رآه محققًا للمصلحة، خاصة أن البنات الموهوبات كن صغيرات غير متزوجات وقت الهبة، وهو ما يُعد معنًى صحيحًا يقتضي التفضيل.
وأكدت أن مثل هذا التصرف تترتب عليه جميع آثاره القانونية والشرعية، من ثبوت الملكية للموهوب له بمجرد تحقق شروط الهبة وأهمها "القبض".
وبيّنت دار الإفتاء أن الشرع الشريف ندب إلى التسوية بين الأبناء في العطايا والهبات، لما لذلك من أثر في تحقيق العدل والمساواة بينهم، لكنه لم يوجب ذلك على سبيل الحتم والإلزام؛ فالتفضيل بين الأبناء مكروه إن لم يقم على مصلحة معتبرة، وتزول الكراهة عند وجود سبب مشروع كالصغر، أو الحاجة، أو كثرة العيال، أو الانشغال بالعلم، أو المرض. أما عند انتفاء هذه الأسباب، فإن الأفضل التسوية خروجًا من الخلاف واستجلابًا للبر.
كما أوضحت دار الإفتاء أن مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية يرى أن التسوية مستحبة وليست واجبة، في حين يرى الحنابلة وجوب التسوية استنادًا إلى بعض روايات حديث النعمان بن بشير.
وأشارت الدار إلى أن العامي يجوز له تقليد أي مذهب معتبر من هذه المذاهب، ولا حرج في الأخذ برأي فقهي دون آخر، ما دام صادرًا عن أهل العلم.
وعن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس»، بيّنت الدار أنه لا يُراد به جعل معرفة الأحكام مبنية على الشعور القلبي فقط، وإنما يُحمل على المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان إذا التبس عليه أمر لا يجد فيه فتوى معتبرة، أو يُحمل على واقعة خاصة بالصحابي راوي الحديث.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن التصرف الذي قام به الوالد صحيح شرعًا ولا إثم فيه، وأن رد الحقوق أو إعادة التوزيع بين الورثة في مثل هذه الحالة يكون من باب الورع والاستحباب لا من باب الوجوب والإلزام، ومن فعل ذلك تطوعًا فله أجره، ولا يجوز إلزام الآخرين به.