خالد الجندي يوضح مفهوم الاستقامة بين الشريعة والهوى |فيديو

قدّم الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، رؤية واضحة حول معنى الاستقامة في الدين، مؤكدًا أن قوله تعالى: «فاستقم كما أُمرت» يضع قاعدة صريحة بأن الاستقامة تكون وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى، لا وفق الأهواء والرغبات الشخصية.

وأشار "الجندي"، في حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال" من برنامج لعلهم يفقهون المذاع على قناة dmc، إلى أن البعض يحاولون تطويع الدين بما يتوافق مع راحتهم ومصالحهم، وهو ما يتعارض مع جوهر القرآن الكريم وأحكامه، لافتًا إلى أن الالتزام بالشريعة ليس خيارًا شخصيًا بل واجبًا إيمانيًا ثابتًا.

الدين بين الراحة والالتزام

وتناول بالشرح العبارة الشائعة بين الناس: "ربنا رب قلوب"، موضحًا أنها تُستغل أحيانًا لتبرير الأخطاء والتقصير في الالتزام بأوامر الشرع، فضًلا عن أن الله عز وجل هو رب القلوب والجوارح معًا، فلا يمكن للنية وحدها أن تُصلح العمل الفاسد، لأن الأعمال الفاسدة تترتب عليها آثار ونتائج خطيرة تمس الفرد والمجتمع.

مؤكدا أن النية الصالحة لا تُجمل المعصية، فالإيمان الحق يتجلى في التوازن بين نقاء القلب وصلاح العمل، بينما الاعتماد على النية فقط دون الالتزام بالأحكام الشرعية يُعدّ انحرافًا عن منهج الله.

الاستغفار بين التوبة والاستمرار 

وتوقف "الجندي" عند مفهوم الاستغفار، مبينًا أنه عبادة عظيمة يجب أن تتبع وقوع الخطأ، لكنه لا يعني التمادي في المعصية بحجة رحمة الله الواسعة، مشددًا على أن "الخطأ فعل الشيطان، أما الاستغفار فهو أمر الرحمن"، داعيًا إلى فهم الاستغفار باعتباره تجديدًا للتوبة وقطعًا للطريق على العودة المتكررة للذنوب.

وأوضح أن رحمة الله مفتوحة لكل تائب، لكنها لا تكون ذريعة لتجاهل الشرع أو الاستهانة بالمعاصي، لأن الإصرار على الخطأ مع استغفار شكلي يُفقد التوبة معناها الحقيقي.

لماذا بُعث الأنبياء؟

وفي سياق متصل، أشار خالد الجندي إلى خطأ من يكتفي بالقول إن "الله رب قلوب" دون التزام واضح بشرع الله، متسائلًا: "لو كان الأمر مجرد قلوب، فلماذا بعث الله الأنبياء؟" وأكد أن إرسال الرسل كان لتعليم البشرية الأحكام الشرعية والعبادات، وإرشادهم إلى الطريق الصحيح لعبادة الله.

وأضاف خالد الجندي أن الاكتفاء بالعاطفة الدينية دون التزام عملي هو خلط كبير بين المفاهيم، فالشرع جاء لينظم العلاقة بين العبد وربه ويضبط سلوكه في حياته اليومية بما يحقق صلاح المجتمع واستقامة الفرد.

عبادة النبي قبل البعثة وبعدها

وضرب خالد الجندي مثالًا بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، موضحًا أنه كان يتعبد في غار حراء قبل نزول الوحي، باحثًا عن الحق بفطرته وعقله، لكن العبادة الكاملة لم تتحقق إلا بالوحي. واستشهد بالآية الكريمة: «ووجدك ضالًا فهدى»، ليؤكد أن معرفة الله ممكنة بالعقل، لكن العبادة الصحيحة لا تكتمل إلا من خلال الشرع المنزل.

وأوضح خالد الجندي أن هذه المرحلة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تؤكد أن العقل وسيلة مهمة للوصول إلى الحق، لكن الهداية التامة لا تتم إلا بالالتزام بما أنزل الله على أنبيائه من تشريعات وأحكام، وهو ما يضع الحد الفاصل بين التدين الفطري والتدين الصحيح.

رسالة البرنامج ومغزى الحوار

وفي ختام الحلقة، أبرز الشيخ خالد الجندي أهمية ترسيخ المفاهيم الصحيحة بين الأجيال، مبينًا أن برنامج لعلهم يفقهون يهدف إلى فتح نقاشات فكرية ودينية تتناول القضايا الإيمانية برؤية عصرية مبسطة، تعيد الناس إلى جوهر الدين بعيدًا عن المغالطات أو الاستسهال.

وذكر خالد الجندي أن الاستقامة ليست مجرد شعار أو شعور قلبي، بل التزام عملي متواصل يترجم الإيمان إلى سلوك يومي، مشددًا على أن الدين الإسلامي جاء ليهدي القلوب ويهذب الجوارح معًا، فلا صلاح للأول دون الثاني.